كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير (اسم الجزء: 1)

ما لا يغيّر لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له ريح، فقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تتوضأ من بئر بضاعة وهي يُطرح فيها كذا وكذا؟ فقال مجيبًا: "الماءُ لا يُنَجِّسه شَيْءٌ".
قلت: وأصرحُ من ذلك ما رواه النّسائي (¬1) بلفظ: مررت بالنّبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يتوضّأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: "إنّ الماءَ لا يُنجّسه شَيءٌ".
وقد وقع مصرَّحًا به في رواية قاسم بن أصبغ في حديث سهل بن سعد أيضًا، وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب.

3 - قوله: وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء.
هذا الوصف لهذه البئر، لم أجد له أصلًا.
قلت: ذكره ابن المنذر فقال: ويروى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من بئر كأن ماءه نقاعة الحناء. فلعلّ هذا معتمد الرافعي فينظر إسناده من كتابه الكبير انتهى.
وقد ذكره ابن الجوزي في "تلقينه" (¬2): أنّه - صلى الله عليه وسلم - توضأ من غديرٍ ماؤه كنقاعة الحنّاء. وكذا ذكره ابن دقيق العيد فيما علّقه على "فروع ابن الحاجب".
وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة، وقد جزم الشّافعي (¬3) بأنّ بئر بضاعة كانت لا تتغير بإلقاء ما يلقى فيها من النّجاسات؛ لكثرة مائها.
¬__________
(¬1) سنن النسائي (رقم 327) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(¬2) كذا في جميع النّسخ التي عندي، ووقع في بعض نسخ البدر المنير: (تلبيسه)، واعتمده محققو البدر. انظر: البدر المنير (1/ 390) (الهامش 7)، وانظر: تلببس إبليس (ص 152).
(¬3) انظر: الأم (1/ 8).

الصفحة 19