كتاب حقوق اليتامى كما جاءت في سورة النساء

وهي تدل على تكرار العدد مما عدلت منه بلا حصر، أي: إلى غاية المعدود (¬1).
فيقال: جاء الرجال مثنى أي: اثنين اثنين، وجاءت النساء مثنى، أي: اثنتين اثنتين-وهكذا «ثلاث» و «رباع».
وقوله (مثنى وثلاث ورباع) أسلوب تنويع وتقسيم.
أي: انكحوا على اثنتين اثنتين، وعلى ثلاث ثلاث، وعلى أربع أربع، وفيه معنى التخيير (¬2) أي: منكم من ينكح اثنتين ومنكم من ينكح ثلاث، ومنكم من ينكح أربعًا. قال تعالى في وصف الملائكة: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (¬3) أي منهم له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة (¬4).
وقد زعم بعضهم (¬5) أن المعنى: انكحوا اثنتين وثلاثًا وأربعاً، أي: تسعاً؛ مجموع اثنتين وثلاث وأربع تسع، وأباحوا الجمع بين تسع زوجات. استدلالًا بالآية. قالوا: لأن الواو للجمع (¬6).
وهذا ليس بصحيح من حيث اللغة العربية التي نزل بها القرآن
¬_________
(¬1) انظر «الصحاح» للجوهري مادة «ثنى، ثلث، ربع» «مشكل إعراب القرآن» 1/ 189، «المحرر الوجيز» 4/ 15، «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 18.
(¬2) انظر المعجم الوجيز» 1/ 391.
(¬3) سورة فاطر، آية:1.
(¬4) انظر «تفسير ابن كثير» 2/ 182 قال ابن كثير بعد هذا: «ولا ينفى ما عدا ذلك بالنسبة للملائكة لدلالة الدليل عليه» يشير رحمه الله إلى ما ثبت في الصحيح: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل على صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح» أخرجه البخاري في التفسير4856، ومسلم في الايمان174 والترمذي في التفسير3277 من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(¬5) وهم الرافضة وبعض الظاهرية.
(¬6) بل ذهب بعضم إلى جواز الجمع بين ثمان عشرة زوجة، بناء على أن معنى «مثنى» اثنتين اثنتين أي أربع «وثلاث» ثلاث ثلاث، أي ست، و «رباع» أربع أربع، أي: ثمان. فأربع وست وثمان: ثمان عشرة، بل قال بعضهم بجواز التعدد بلا حد. انظر «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 16 - 18 «البحر المحيط» 3/ 163.

الصفحة 21