كتاب حقوق اليتامى كما جاءت في سورة النساء

السفه، فزالت الولاية عليهم، ووجب رد أموالهم إليهم.
قوله تعالى: {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} الواو استئنافية، و «من» شرطية «كان» فعل الشرط، وجوابه (فليستعفف) واقترن الجواب بالفاءلأنه جملة طلبية.
أي: ومن كان من الأولياء أو الأوصياء على السفهاء من اليتامى وغيرهم غنيًّا. أي عنده من المال ما يكفيه ولا يحتاج إلى مال من تحت ولايته.
فليستعفف: اللام لام الأمر، واستعف عن الشيء بمعنى كفّ عنه وتركه واستغنى عنه (¬1).
واستعفّ: أبلغ من عفّ (¬2) لأن زيادة المبنى تدل - غالباً (¬3) - على زيادة المعنى.
أي: ومن كان عنده ما يكفيه من المال فليكف عن مال اليتيم وليستغن عنه.
قوله تعالى: {وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} معطوف على ما قبله، مشتمل على شرط وجوابه.
وبين قوله: {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} وقوله: {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} مقابلة بديعة بين قوله {غنيًّا} و {فقيراً} وبين قوله {فَلْيَسْتَعْفِفْ} وقوله {فَلْيَأكل}.
أي: ومن كان من الأولياء أو الأوصياء على السفهاء من اليتامى وغيرهم فقيراً، أي: معدماً ليس عنه شيء، أو عنده شيء يسير لا يكفي لحاجته (¬4)؛ مأخوذ من فقار الظهر، كأنه انقطعت فقار ظهره فلم يستطع الاعتماد على حاله (¬5).
¬_________
(¬1) انظر «جامع البيان» 7/ 581، «أحكام القرآن» لابن العربي 1/ 324، «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 41، «تفسير ابن كثير» 2/ 188.
(¬2) انظر «الكاشف» 1/ 249، «مدارك التنزيل» 1/ 292.
(¬3) أي: ليس ذلك مطرداً فمثلاً: «ثمر» أقل حروفاً من «ثمرة» وهو أكثر منها معنا، لأنه جمع وهي مفرده، ومثله شجر وشجرة، وبقر وبقرة، وهكذا.
(¬4) انظر «أحكام القرآن» لابن العربي 1/ 324، «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 41، «تفسير ابن كثير2/ 188، وانظر «اللسان» مادة «فقر».
(¬5) انظر «الناسخ والمنسوخ» للنحاس 2/ 442 - 446.

الصفحة 67