كتاب آراء ابن الجوزي التربوية

أيام ثم ظهر المفسدون، وأخذت أموال الناس (¬1).
ولم يقف الأمر عند السلاطين بل تعداه إلى القضاة الذين كانوا يأخذون الرشوة، ومنهم "ابن المرخم الذي كان قاضيًا وكان بئس الحاكم يأخذ الرشا" (¬2)، كما زاد القتل بين الناس فقد "جيء بصبي صغير مقتولًا ومعه صبي آخر فأقر أنه قتله بمنجل كان معه بسبب حلقة أخذها من أذنه فاخذت منه الحلقة وقتل" (¬3).
حتى النساء ساهمن في نشر الفساد، فقد أقدمت "أربع نسوة في الأسواق على بقر السقائين مسودات الوجوه لأنهن شربن المسكر في الشط مع الرجال" (¬4).
وهكذا انتشرت الفوضى والتسيب الخلقي نتيجة أمور كثيرة سبق ذكرها، وزادت حدتها مع "عودة الجبايات على الناس. بعنف وشدة وظلم" (¬5) بالإضافة إلى شدة وطأة عسكر السلطان الذين كانوا يستغلون الاضطرابات السياسية والحروب والفتن في "السلب والنهب والقتل" (¬6).

رابعًا: عصر ابن الجوزي من الناحية الاجتماعية
عايش ابن الجوزي ظواهر طبيعية متعددة أثرت في الأوضاع الاجتماعية، من هذه الظواهر الطبيعية أنه حصلت "زلزلة عظيمة" (¬7) و"هبت ريح شديدة قصفت النخل والشجر" (¬8) ولم يأت مطر إلا قطرات لا تبل الأرض وأشرفت المواشي على العطب من قلة العشب وظهر بالناس علة انتفاخ الحلق، فمات به خلق كثير وغارت المياه من الأنهار
¬__________
(¬1) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 103.
(¬2) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 194. معنى كلمة الرشا: الرشوة.
(¬3) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 208.
(¬4) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 69. معنى السقائين: هم الرجال الذين يحملون الماء إلى البيوت.
(¬5) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 69.
(¬6) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 124 - 132.
(¬7) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 138.
(¬8) المرجع السابق، الجزء العاشر، ص 221.

الصفحة 64