كتاب آراء ابن الجوزي التربوية

وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مراتٍ من وراء الستر" (¬1). وظهر تأثيره في ما تركه من بصمات واضحة على غيره من العلماء المسلمين. ويعتبر ابن قيم الجوزية (¬2) من العلماء المتأثرين به في السير على النهج نفسه عند كتابة المؤلفات، فكتاب ابن قيم روضة المحبين ونزهة المشتاقين يقابله كتاب ابن الجوزي ذم الهوى، وكتاب ابن قيم إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان يقابله كتاب ابن الجوزي تلبيس إبليس.
كذلك ظهر تأثر ابن قيم الجوزية واضحًا في اقتباسه لبعض الأفكار بألفاظها مثال: ذلك أن ابن الجوزي قال: "الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه، وهذا الميل قد خُلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم ما أكل، وإلى المشرب ما شرب، وإلى المنكح ما نكح، وكذلك كل ما يشهيه، فالهوى مستجلب له ما يفيد. . . الخ" (¬3).
وبمثل هذا القول تحدث به ابن قيم الجوزية في الموضوع نفسه إذ قال: "الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه، فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح، فالهوى مستحث لما يريده. . . الخ" (¬4).
قال ابن الجوزي أيضًا: "وقد عرفت ثمرة العقل وفائدته، فإنه هو الذي دل على الإله وأمر بطاعته وامتثال أمره، وأثبت معجزات الرسل
¬__________
(¬1) مرجع سابق، المكي. مرآة الجنان وعبرة اليقظان فى معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان. الجزء الثالث، ص 489.
(¬2) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية، ولد سنة (691 هـ). تفقه في المذهب، وبرع وأفتى، وكان عارفًا بالتفسير، وبأصول الدين والحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، وبالفقه وأصوله وبالعربية، وبعلم الكلام والنحو وغير ذلك. وكان عالمًا بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف. وله مصنفات كثيرة في العلم. توفي في سنة (751 هـ). انظر ابن رجب. الذيل على طبقات الحنابلة. الجزء الثاني، ص 447 - 448.
(¬3) ابن الجوزي، أبو الفرج، عبد الرحمن. ذم الهوى (تحقيق) عبد الواحد، د. مصطفى، (راجعه) الغزالي، محمد، الطبعة الأولى، 1381 هـ - 1962 م، ص 12.
(¬4) ابن قيم الجوزية. روضة المحبين ونزهة المشتاقين. مكة المكرمة، الباز، عباس، أحمد، دون تاريخ، ص 469.

الصفحة 93