كتاب طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها

وترك هذه الأفانين التي ابتدعها الإنسان، إما لغايته الشخصية، أو من أجل جماعة ينسب إليها، أو وطن يستظل به أو جهل بأسس التشريع الإسلامي، أو فقر في الإيمان واختلال في العقيدة، وليس فيما أنادي به خروج على العلم وأهله، وإنما هو دعوة لهم على كل أرض ومن كل جنس ليتجهوا بما وهبهم الله من عقل وفكر إلى التحليل والموازنة والمقارنة بين النظم الإلهية الإسلامية، وبين ما هم فيه من تضاد واضطراب واختلاف في الرأي الواحد والنظرية الواحدة، ولست أشك أنهم سيجدون في رحاب الإسلام حلولا لكل القضايا التي ضاقت بها النفس الإنسانية منذ طغت عليها مادية الحياة، وابتعدت خطوات كثيرة عن روحانية الإيمان.
وأول ما أدعوهم إليه، تعمق نظم التربية الإسلامية، تلك التربية التي تعنى بالإنسان "جسدا، وعقلا، وروحا" فلا تكبت رغبات الجسد فيه، ولا تحد من قدرات العقل عنده، ولا تحصره في دائرة المادة الفانية، وإنما تجعل لروحه مددا متصلا بالقوة الخفية في هذا الكون تستلهم منه النور الذي لا تراه الحواس ولا يدركه العقل
ومن ينابيع تلك التربية سوف يهتدون إلى أسس العدالة والحق الذي اهتدى إليها المسلمون الأول، وأنشئوا بها مجتمعات الإخاء والتضحية والإيثار والوفاء والمحبة، والتي أصبح العالم اليوم في حاجة إليها أكثر من حاجته إلى الغذاء والكساء والمأوى؛ لأن هذه وتلك لا توفر للإنسان الأمان والاستقرار النفسي كما توفره تربية متصلة بالله تطلق الإنسان من عقاله وتدخله دائرة السلام مع نفسه وأهله وولده وجماعته.
وإني لأتساءل هل في كل مواثيق حقوق الإنسان وقوانينه ومبادئه وتشاريعه ما يعدل هذا القول الإسلامي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله عز وجل:

الصفحة 9