كتاب مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد
وقالَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ في كِتَابِهِ إِلى أَبِي مُوسَى: ((ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أُدْلِيَ إِليْكَ مِمَّا وَرَدَ عَلَيْكَ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلا سُنَّة، ثُمَّ قَايِسِ الأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَاعْرِفِ الأَمْثَالَ، ثُمَّ َاعْمَدْ فِيْمَا تَرَى إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ)) (¬1) .
وَقَالَ الشَّافِعيُّ: ((أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ)) (¬2) .
قَالَ في الوَرَقَاتِ:
((وَالفِقْهُ أَخَصُّ مِنْ العِلْمِ. والعِلْمُ: مَعْرفةُ المعْلُومِ عَلى مَا هُوَ بِهِ في الوَاقِعِ.
¬__________
(¬1) أخرجه الدارقطني في سننه (5/367/ رقم 4471 الرسالة) ، والبيهقي في الكبرى (10/150) ، والمعرفة (7/366) وعبد الرزاق في مصنفه (8/300 رقم 15290) ، ووكيع في أخبار القضاة (1/70) ، وخرَّجه الزيلعي في نصب الراية (4/63) ، وضعَّفه ابن حزم رحمه الله في الإحكام (2/1002) ووصفه في المحلَّى (1/59) بأنه مكذوب موضوع على عمر! ففنّد ذلك العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه وانتهى إلى ثبوته بعد أن جمع طرقه وأسانيده. (أفدته من بحث شيخنا العلامة أ. د. عمر الأشقر حفظه الله من كتابه (نظرات في أصول الفقه (117) حاشية) ، وكذا الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (8/241/ رقم 2619) وقال ((صحيح)) . فانظره إنْ رُمْتَ فائدةً.
وانظر مزيداً: تحقيق صحة هذا الكتاب في مجلة الشريعة العدد (4) من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض (1402هـ) للشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله بعنوان: ((تحقيق ثبوت كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في شأن القضاء، وفيه العمل بالقياس)) صـ (299) ، وبحثاً للشيخ سعود الدريب في مجلة البحوث الإسلامية العدد (7) صـ (269) ، وكذا تحقيق رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الشعري رضي الله عنهما للدكتور ناصر بن عقيل الطريقي في العدد (17) صـ (195) حيث أثبت صحتها وردَّ الشُّبَه عنها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (6/71) : ((ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه وأصول الفقه)) . وانظر إعلام الموقعين (2/158) ، وشرحها (2/163) ، وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (13/264) : ((فيما أنشد ابن عبد البر لأبي محمد اليزيدي النحوي من أبيات طويلة في إثبات القياس:
وكتاب الفاروق يرحمه الله ... إلى الأشعري في تبيان
قس إذا أشكلت عليك الأمور ... ثم قل بالصواب والعرفان)) .
(¬2) إعلام الموقعين (2/11) .
الصفحة 24
37