كتاب مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد

وَعَنْ ابْنُ عَوْنٍ: ((ثَلَاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي؛ هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ)) . انْتَهَى (¬1) .
قَالَ الْكِِرْمَانِيُّ: ((قَالَ فِي الْقُرْآن ((يَتَفَهَّمُوهُ)) وَفِي السُّنَّة ((يَتَعَلَّمُوهَا)) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ فِي أَوَّلِ أَمْرهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْوَصِيَّةِ بِتَعَلُّمِهِ؛ فَلِهَذَا أَوْصَى بِتَفَهُّمِ مَعْنَاهُ وَإِدْرَاكِ مَنْطُوقِهِ. انْتَهَى)) (¬2) .
قَالَ الحَافِظُ: ((وَلَا يَرْتَابُ عَاقِلٌ فِي أَنَّ مَدَارَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلى كِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَأَنَّ بَاقِي العُلُومِ، إِمَّا آلَاتٌ لِفَهْمِهَا وَهِيَ الضَّالَّةُ المطْلُوُبَةُ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهَا وَهِيَ الضَّارَّةُ المغْلُوُبَةُ)) . (¬3) . انْتَهَى.
وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّيْنِ (¬4) .
¬__________
(¬1) صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (9/100) ، والفتح (13/305) .
(¬2) الفتح (13/309) .
(¬3) هدي الساري (1/3) .
(¬4) انتهيت من مقابلته على النسخة الخطية وعلى الطبعات الثلاث في ضحى يوم السبت الموافق 4/8/1422هـ.
فما كان فيه من صواب فمن الله وحده المتفضل بالنعم والإحسان، وما كان فيه من خللٍ ونقص وزلل، فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأسأله المسامحة والغفران. وصلى الله وسلم على سيد ولد عدنان.

الصفحة 36