كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش

89 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى جَابَارِقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ، عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قُطَامَى، " أَنَّ §الضَّحَّاكَ مَلَكَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَكَلَ اللَّحْمَ، وَكَانَ فِي مَنْكِبَيْهِ حَيَّتَانِ قَدْ أَنْبَتَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمَا، وَكَانَ يُغَذِّيهُمَا بِأَدْمِغَةِ النَّاسِ، وَيَذْبَحُ لَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ غُلَامَيْنِ، أَوْ جَارِيَتَيْنِ، فَإِنْ شَبِعَتَا، وَإِلَّا صَاحَتَا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِهِ، فَصَنَعَتِ الْأَعَاجِمُ الْمَزَامِيرَ وَالطُّبُولُ عَلَى صَوْتِ تِلْكَ الْحَيَّتَيْنِ، فَاسْتَعْمَلَ الضَّحَّاكُ عَلَى مَطْبَخِهِ جَدَّ الْمَسْمَعَانِ الذَّبَاوَنْدِيَّ، فَكَانَ يَذْبَحُ لِلْحَيَّتَيْنِ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا، فَقَالَ يَوْمًا: إِنَّ هَذَا يُفْنِي النَّاسَ، فَذَبَحَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ، فَخَلَطَ دِمَاغَهَا بِدِمَاغِ شَاةٍ فَأَجْرَاهُمَا ذَلِكَ، وَأَعْتَقَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ فَسَيَّبَهَا فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الرِّيِّ، وَكَانَتِ الْحَظِيرَةُ الَّتِي تَجِيءُ إِلَيْهَا، وَيَجْمَعُونَ فِيهَا الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِي بِدُسْتَنِيَّ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَعْقَابَهُمْ، فَلِذَلِكَ يُسَمَّى دُسْتَنَا
90 - قَالَ الشَّرْقِيُّ، فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ قَالَ: " §رَكِبَ الضَّحَّاكُ يَوْمًا إِلَى -[116]- الصَّيْدِ، وَكَانَ غَيُورًا، فَجَاءَ فَرِيذُونُ بْنُ دَفْيَارَ فِي خَيْلِهِ، فَدَخَلَ مَنْزِلَ الضَّحَّاكِ، فَبَلَغَ الضَّحَّاكَ ذَلِكَ، فَأَسْرَعَ حَتَّى دَخَلَ دَارَهُ، فَلَمَّا أَبْصَرَ فَرِيذُونَ فِي أَهْلِهِ وَنِسَائِهِ أَسْقَطْتُهُ الْغَيْرَةُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَهُ أفَرِيذُونُ بِالْحَدِيدِ، وَقَصَدَ عُمَّالَهُ، فَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْمِهْرَجَانِ قَالَتِ الْفُرْسُ: أمذ مِهْرَجَانٌ لِقَتْلِ مَنْ كَانَ يَقْتُلُ النَّاسَ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِي بَلَاءً حَسَنًا. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَمَرَنِي الضَّحَّاكُ بِذَبْحِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَذْبَحُ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَاقْتَصَرْتُ عَلَى وَاحِدٍ، وَكُنْتُ أَطْلِقُ الْآخَرَ قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: فِي جِبَالِ الدَّيْلَمِ، فِي الْحَزَنِ، وَالشَّرْقِ، وَالدَّبَاوَنْدِ، وَقَدْ تَزَوَّجُوا، وَتَوَالَدُوا، وَكَثُرُوا، فَهَؤُلَاءِ عُتَقَايَ. قَالَ أَفْرِيذُونُ: قَدْ مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ , قَالَ: فَعَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَيْلَةُ كَذَا وَكَذَا لَيْلَةَ الْوَقُودِ، وَيُقَدَّمُ إِلَيَّ أُولَئِكَ، إِذْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ أَنْ يُوقِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقُودًا , قَالَ: ثُمَّ أَصْعَدْنَا فَرِيذُونَ إِلَى جَبَلٍ شَاهِقٍ فِي الْهَوَاءِ، يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى أُولَئِكَ. قَالَ أَفْرِيذُونُ: مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ، فَاعْتَقَدَ مُلْكُهُ بِدَبَاوَنْدَ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ قَتَلَ أَفْرِيذُونُ الضَّحَّاكَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي يَوْمِ نَيْرُوزَ، فَقَالَتِ الْأَعَاجِمُ: نُورُوزُ آمَذَايِ اسْتَقْبَلْنَا يَوْمٌ جَدِيدٌ "

الصفحة 115