كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش

§حَدِيثُ رُؤْيَا بُخْتِ نَصْرٍ
98 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا، يَقُولُ: " إِنَّ §بُخْتَ نَصْرٍ رَأَى فِي آخِرِ زَمَانِهِ صَنَمًا , رَأْسُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَصَدْرُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَبَطْنُهُ مِنْ نُحَاسٍ، وَفَخِذُهُ مِنْ حَدِيدٍ، وَسَاقَاهُ مِنْ فَخَّارٍ، ثُمَّ إِنَّ حَجَرًا مِنَ السَّمَاءِ وَقَعَ عَلَيْهِ، فَدَقَّهُ، ثُمَّ رَمَى الْحَجَرَ حَتَّى مَلَأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَرَأَى شَجَرَةً , أَصْلُهَا فِي الْأَرْضِ، وَفُرُوعُهَا -[126]- فِي السَّمَاءِ , ثُمَّ رَأَى عَلَيْهَا رَجُلًا بِيَدِهِ فَأْسٌ، وَسَمِعَ مُنَادِيًا يُنَادِي، فَقَالَ: اضْرِبْ جِذْعَهَا، فَتَفَرَّقَ الطَّيْرُ مِنْ فَرْعِهَا، وَتَفَرَّقَ السِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ مِنْ تَحْتِهَا، وَاتْرُكْ أَصْلَهَا قَائِمًا، فَعَبَّرَهُ لَهُ دَانِيَالُ قَالَ: أَمَّا الصَّنَمُ الَّذِي رَأَيْتَ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ، وَفِي أَوْسَطِهِ، وَفِي أَخِرِهِ، فَأَنْتَ الرَّأْسُ مِنَ الذَّهَبِ، وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْ فِضَّةٍ، فَابْنُكَ يَمْلِكُ مِنْ بَعْدَكَ، وَأَمَّا الْبَطْنُ الَّذِي رَأَيْتَ مِنَ نُحَاسٍ، فَمَلِكٌ يَكُونُ بَعْدَ ابْنِكَ، وَأَمَّا مَا رَأَيْتَ مِنَ الْفَخِذِ مِنَ الْحَدِيدِ، فَمُتَفَرِّقٌ فَرِيقَيْنِ فِي فَارِسَ، يَكُونُ أَشَدُّ الْمَلِكِ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَآخِرُ مَلِكِهِمْ يَكُونُ دُونَ الْحَدِيدِ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي رَأَيْتَ دَقَّهُ، وَرَبُوهُ حَتَّى مَلَأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَحَذَفَ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهَا حَتَّى يُبْعَثَ نَبِيُّ أُمِّيُّ مِنَ الْعَرَبِ، فَيَدُقُّ بِهِ الْأُمَمَ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَقَّ أَصْنَافَ الصَّنَمِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهْرَ عَلَى الْأَرْضِ، وَانْتَشَرَ فِيهَا حَتَّى مَلَأَهَا، فَيَحِقُّ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ، وَيَعِزُّ بِهِ الْأَذِلَّةَ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَ، وَالطَّيْرُ الَّتِي عَلَيْهَا، وَالسِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ الَّتِي تَحْتَهَا، وَمَا أَمَرَ بِقَطْعِهَا، فَيَذْهَبُ مُلْكُكَ، فَيَرُدُّكَ اللَّهُ طَائِرًا يَكُونُ نِسْرًا مَلَكَ الطَّائِرَ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ ثَوْرًا مَلَكَ الدَّوَابَّ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ أَسَدًا مَلَكَ السِّبَاعَ وَالْوَحْشَ، كَانَ مَسْخُهُ كُلَّ سَبْعِ سِنِينَ فِي ذَلِكَ , قَلْبُكَ قَلْبُ إِنْسَانٍ، حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَكَمَا رَأَيْتَ أَصْلَهَا قَائِمًا، فَإِنَّ مُلْكَكَ قَائِمٌ. فَمُسِخَ بُخْتُ نَصْرٍ نِسْرًا فِي الطَّيْرِ، وَثَوْرًا فِي الدَّوَابِّ، وَأَسَدًا فِي السِّبَاعِ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، فَآمَنَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَسُئِلَ وَهْبٌ: أَكَانَ مُؤْمِنًا؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدِ اخْتَلَفُوا: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَحْرَقَ بَيْتَ اللَّهِ وَكُتُبَهُ، وَقَتَلَ الْأَنْبِيَاءَ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَضَبًا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ حِينَئِذٍ تَوْبَةً "

الصفحة 125