كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش
§حَدِيثٌ آخَرُ
33 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِبْرِيقٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلْقَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ التَّرَاغُمِيُّ،: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا مَا رَآهُ رَجُلٌ قَبْلِي إِنِّي غَدَوْتُ مِنْ أَهْلِي الْيَوْمَ أُضْحِي غُنَيْمَةً لِي، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا حَمَلًا، فَاتَّبَعْتُهُ أَطْلُبُهُ، أُرِيدُ أَنْ أَسْتَنْفِذَ مِنْهُ حَمَلِي إِنِ اسْتَطَعْتُ، فَلَمَّا أَدْرَكْتُهُ وَضَعَ الْحَمَلَ، وَأَقْبَلَ يُكَلِّمُنِي، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، ارْجِعْ، فَوَاللَّهِ لَا تَسْتَنْقِذُهُ الْيَوْمَ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيَ الْعَجَبِ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّ الذِّئْبَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: بَلْ أُنَبِّئُكَ بِأَعْجَبَ مِنْهُ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَاءَكَ بِالنَّخَلَاتِ، يُحَدِّثُكُمْ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، فَذَاكَ أَعْجَبُ مِنْ ذِئْبٍ رَزَقَهُ اللَّهُ حَمَلًا فَقَالَ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، مَا جَلَسْتُ مُنْذُ تَكَلَّمَ الذِّئْبُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقْتَ، §يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُحَدِّثَهُ فَخِذُهُ وَعَصَاهُ بِمَا فَعَلَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ، فَهِيَ الْعَجَائِبُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ»
§حَدِيثٌ
34 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا نَاجِيَةُ، عَنْ جَدِّهِ الْمُنْتَجِعِ، وَكَانَ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ، قَالَ: -[53]- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَصْبَحْتَ فَشَمِّرْ ذَيْلَكَ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ تَلْقَاهُ فَكُلْهُ، وَالثَّانِي فَادْفِنْهُ، وَالثَّالِثُ فَآوِهِ، وَالرَّابِعُ فَأَطْعِمْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَلِكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ، شَمَّرَ ذَيْلَهُ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ لَقِيَهُ جَبَلٌ مُنِيفٌ شَامِخٌ فِي الْهَوَاءِ، فَقَالَ: يَا وَيْلَتِي، أُمِرْتُ بِأَكْلِ هَذَا الْجَبَلِ، وَلَسْتُ أُطِيقُهُ، فَتَضَامَرَ لَهُ الْجَبَلُ، حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلِ التَّمْرَةِ الْحُلْوَةِ فَابْتَلَعَهَا، ثُمَّ مَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِطَسْتٍ مُلْقَاةٍ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَاحْتَفَرَ لَهَا قَبْرًا، فَكَانَ كُلَّمَا دَفَنَهَا نَبَتَ عَنِ الأَرْضِ، فَلَمَّا أَعْيَتْهُ تَرَكَهَا وَمَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِحَمَامَةٍ فَصَيَّرَهَا فِي رُدْنِهِ، ثُمَّ مَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِعُقَابٍ قَدِ انْقَضَّ نَحْوَهُ، يُرِيدُ أَنْ يَنْهَسَ لَحْمَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مُدْيَةً مِنْ خُفِّهِ، يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ، فَيُطْعِمَ الْعُقَابَ، فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ يُنَادِيهِ مِنْ وَرَائِهِ: أَنَا مَلَكُ، بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَيْكَ؛ لِيُنْبِئَكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ: أَمَّا الْجَبَلُ الْمُنِيفُ الَّذِي أُمِرْتَ بِأَكْلِهِ، فَإِنَّهُ الْغَضَبُ، مَتَى تُهَيِّجُهُ هَاجَ، حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الْجَبَلِ الَّذِي لَمْ تُطِقْ أَكْلَهُ، وَلَمْ تَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، وَإِنْ سَكَّنْتَهُ سَكَنَ حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ تِلْكَ التَّمْرَةِ الَّتِي اسْتَطَبْتَ طَعْمَهَا، وَحَمِدْتَ عَاقِبَتَهَا، وَأَمَّا الطَّسْتُ الْمُلْقَاةُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ، مَنْ عَمِلَ بِخَيْرٍ أَظْهَرَهُ اللَّهُ حَتَّى يَتَحَدَّثَ بِهِ النَّاسُ وَيَزِيدُونَ، وَمَنْ عَمِلَ بِشَرٍّ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، حَتَّى يَتَحَدَّثَ بِهَا النَّاسُ، وَيَزِيدُونَ، وَأَمَّا الْحَمَامَةُ الَّتِي أُمِرْتَ بِإِيوَائِهَا، فَهِيَ الرَّحْمَةُ، فَصِلْ رَحِمَكَ، وَإِنْ قَطَعُوكَ، قَرُبُوا مِنْكَ أَوْ بَعُدُوا، وَأَمَّا الْعُقَابُ الَّذِي أُمِرْتَ بِإِطْعَامِهِ، فَإِنَّهُ الْمَعْرُوفُ، فَضَعْهُ فِي أَهْلِهِ، وَفِي غَيْرِ أَهْلِهِ، وَاصْطَنِعْهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، يَلْقَاكَ نَيْلُهُ وَإِنْ طَالَ أَمَدُهُ " هَذَا حَدِيثٌ لا أَعْلَمُ لَهُ رَاوِيًا غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ، -[54]- وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ: «أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَشْعَيَائِيلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
الصفحة 52
160