كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش

38 - وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ رُسْتُمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الدِّبَاغُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §بَيْنَمَا نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ، يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَآوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ فِي غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ -[57]- إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوْانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي وَصِبْيَةٌ صِغَارٌ، فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ، بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَأَنَّهُ نَأَى الشَّجَرُ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَهُمْ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً، فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، فَأَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا مِئَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِئَةً، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ، وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَلَمَّا قَضَى عَمَلُهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ لَهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، فَرَعِيتُهَا لَهُ، فَجَاءَنِي، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَظْلِمْنِي، وَأَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَخُذْهُ، فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا بَقِيَ فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَخَرَجُوا "

الصفحة 56