كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش
48 - وَرَوَاهُ خِلَاسٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفًا، قَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ خِلَاسًا، يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §ذَهَبَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ رَادَةً لِأَهْلِيهِمْ، فَأَخَذَهُمْ مَطَرٌ، فَلَجَؤُوا إِلَى غَارٍ، فَوَقَعَ عَلَى فَمِ الْغَارِ حَجَرٌ، فَسَدَّ عَلَيْهِمْ فَمَ الْغَارِ، وَوَقَعَ مُتَجَافٍ عَنْهُمْ قَالَ: فَقَالَ النَّفْرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَقَعَ الْمَطَرُ، وَعَفَّ الْأَثَرُ، وَوَقَعَ الْحَجَرُ، وَلَا يَعْلَمُ بِمَكَانِكُمُ الْآنَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَتَعَالُوا فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَوْثَقِ عَمَلٍ عَمِلَهُ قَطُّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ قَالَ: قَالُوا: خُذْ يَا فُلَانُ , قَالَ أحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ بَرًّا بِوَالِدَيَّ، وَإِنِّي أَرَحْتُ غَنَمِي لَيْلَةً، وَكُنْتُ أَحْلُبُ لِأَبَوَيَّ، فَآتِيهُمَا وَهُمَا مُضْطَجِعَانِ عَلَى فِرَاشِهِمَا حَتَّى أَسْقِيهِمَا بِيَدِي، وَإِنِّي أَتَيْتَهُمَا لَيْلَةً مِنْ تِيكَ اللَّيَالِي، وَجِئْتُ بِشَرَابِهِمَا، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، وَإِنِّي جَعَلْتُ أَرْغَبُ لَهُمَا فِي نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ بِالشَّرَابِ، فَيَسْتَيْقِظَا وَلَا يَجِدَانِي عِنْدَهُمَا، فَقُمْتُ مَكَانِي قَائِمًا عَلَى رُؤوسِهِمَا لِذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْصَدَعَ الْحَجَرُ، قَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَحْبَبْتُ ابْنَةَ عَمٍّ لِي حُبًّا شَدِيدًا، وَإِنِّي طَلَبْتُهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّهُمْ مَنَعُونِيهَا، وَإِنِّي لَمْ أَزَلْ عَنْهَا حَتَّى جَعَلْتُ لَهَا مَا رَضِيَتْ بِهِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، ثُمَّ دَعَوْتُهَا، فَخَلَوْتُ بِهَا، فَقَعَدْتُ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَقَالَتْ لِي: لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ قَالَ: فَانْقَبَضْتُ إِلَى نَفْسِي، وَوَفَّرْتُ جُعْلَهَا وَنَفْسَهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، قَالَ: فَازْدَادَ الْحَجَرُ انْفِرَاجًا. قَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي عَمِلَ لِي عَامَلٌ عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، فَانْطَلَقَ الْعَامِلُ، وَلَمْ يَأْخُذْ صَاعَهُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيَّ طَوِيلًا مِنَ الدَّهْرِ، وَإِنِّي عَمَدْتُ إِلَى صَاعِهِ فَحَرَثْتُهُ، فَزَكَى، فَمَازِلْتُ أَحْرُثُهُ وَيَزْكُوا حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ الصَّاعِ بَقَرٌ كَثِيرٌ، وَشَاءٌ كَثِيرٌ، وَمَالٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّ -[65]- ذَلِكَ الْعَامِلَ أَتَانِي بَعْدَ زَمَانٍ يَطْلُبُ الصَّاعَ مِنَ الطَّعَامِ، وَإِنِّي قُلْتُ لَهُ: إِنَّ صَاعَكَ ذَاكَ مِنَ الطَّعَامِ، قَدْ صَارَ مَالًا كَثِيرًا، وَشَاءً كَثِيرًا، وَبَقَرًا، فَخُذْهَا، كله، فَإِنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الصَّاعِ قَالَ: أَتَسْخَرُ؟ قُلْتُ لَهُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّهُ الْحَقُّ قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِ يَسُوقُ ذَلِكَ الْمَالَ أَجْمَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْفَلَقَ الْحَجَرُ، فَوَقَعَ، فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ "
الصفحة 64
160