كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش

58 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَذَكَرْنَاهُ عَلَى أَتَمِّهِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُمْ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " §كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُكَلِّمُكَ، كَلِّمنِي. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَعَلَ يَصِفُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَتَها حَتَّى قَالَتْ: هَكَذَا، وَوَصَفَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِهِ. هَذِهِ رِوَايَةُ هُدْبَةَ، وَأَمَّا شَيْبَانُ، فَقَالَ فِي حَدِيثٍ وَصَفَهُ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَصِفُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ، كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا تَدْعُوهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَرَجَعَتْ، ثُمَّ عَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، زَادَ هُدْبَةُ: فَرَجَعَتْ، ثُمَّ جَاءَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، إِلَى هَاهُنَا زِيَادَةُ هُدْبَةَ. فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ، وَهُوَ ابْنِي، وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ، فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي، اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ فُتِنَ قَالَ: وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ ذَلِكَ قَالَ: فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحَمَلَتْ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقِيلَ لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ، فَجَاءُوا بِفُؤُوسِهِمْ -[73]- وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ، فَصَادَفُوهُ يُصَلِّي، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: تَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. فِي رِوَايَةِ هُدْبَةَ. وَأَمَّا شَيْبَانُ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذِهِ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، رَاعِي الضَّأْنِ، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَرَأَوْا مِنْهُ مَا رَأَوْا، قَالُوا: نَحْنُ نَبْنِي لَكَ مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ " زَادَ شَيْبَانُ فِي حَدِيثٍ: «ثُمَّ عَلَّاهُ»

الصفحة 72