كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش
63 - أَخْبَرَنَا جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى الطَّرَسُوسِيَّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " §الْعَجَائِبُ الَّتِي وُصِفَتْ فِي الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: مَنَارَةُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَلَيْهَا مِرْآةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يَقْعُدُ الْقَاعِدُ تَحْتَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبَعْدَ غُرُوبِهَا، فَيَرَى مَنْ بَاعَدَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ، وَسُودَانِيُّ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى قَضِيبٍ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى بَابِ الشَّرْقِيِّ بِالرُّومِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ أَوَانُ الزَّيْتُونِ صَفَرَ ذَلِكَ السُّودَانِيُّ صُفْرَةً فَلَا يَبْقَى سُودَانِيَّةٌ فِيهِ نَظِيرٌ، إِلَّا جَاءَتْ وَمَعَهَا ثَلَاثُ زَيْتُونَاتٍ: زَيْتُونَتَانِ فِي رِجْلَيْهَا، وَزَيْتُونَةٌ فِي مِنْقَارِهَا، فَأَلْقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ السُّودَانِيِّ، فَجَمَعَهَا الرُّومِيَّةُ، فَيَعْصُرُونَ مَا يَكْفِيهِمْ لِسُرُجِهِمْ وَإِدَامِهِمْ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَرَجُلٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى فَرَسٍ مِنْ نُحَاسٍ بِأَرْضِ الْيَمَنِ، فِيمَا بَيْنَ الشَّجَرِ وَالرَّبَايِحِ، يَدُهُ إِلَى وَرَائِهِ، يَقُولُ: لَيْسَ وَرَائِي مَسْلَكٌ، وَهِيَ أَرْضٌ رَجْرَاجَةٌ، لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، غَزَاهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، فِي سَبْعِينَ أَلْفِ فَارِسٍ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ نَمْلَةٌ كَالتَّجَانِيِّ، وَإِنْ كَانَتِ النَّمْلَةُ لَتَخْتَطِفُ الْفَارِسَ عَنْ فَرَسِهِ، وَبَطَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ، فِيمَا بَيْنَ الْهِنْدِ وَالصِّينِ، بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا عِيَاضٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ شَرِبَتِ الْبَطَّةُ حَاجَتَهَا، وَمَدَّتْ مِنْقَارِهَا، فَيَفِيضُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ، مَا يَكْفِيهِمْ لِزِرُوعِهِمْ، وَمَوَاشِيهِمْ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ "
64 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِمْشَاذَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزَّوْزَنِيُّ، حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شُكْرٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ النُّعْمَانِ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، سَمِعْتُ -[80]- جَبَلَ بْنَ دِهْقَانَ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فِي عِدَّةٍ مِنَ الدَّهَاقِينَ قَالَ: " §كَانَ بِبَابِلَ سَبْعُ مَدَائِنَ، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أُعْجُوبَةٌ، لَيْسَتْ فِي الْأُخْرَى: فَكَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا مَلِكُهَا، وَهِيَ الْأُولَى، تِمْثَالُ الْأَرْضِ جَمِيعًا، فَإِنِ الْتَوَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ بِخَرَاجِهِمْ، خَرَقَ أَنْهَارَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي التِّمْثَالِ، فَغَرِقَتْ حَيْثُ كَانَتْ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَدًّا حَتَّى يُؤَدُّوا خَرَاجَهُمْ، فَإِذَا سَدَّهَا عَلَيْهِمْ فِي تِمْثَالِهِمِ انْسَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّانِيَةِ حَوْضٌ، فَإِذَا أَرَادَ الْمَلِكُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لِطَعَامِهِ، آتَى مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ مِنَ الْأَشْرِبَةِ، فَصَبَّ فِي ذَلِكَ الْحَوْضِ، فَاخْتَلَطَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَقُومُ السُّقَاةُ، فَيَأْخُذُونَ الْآنِيَةَ، فَمَنْ صَبَّ فِي إِنَائِهِ شَيْئًا صَارَ شَارِبَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّالِثَةِ طَبْلٌ، إِذَا غَابَ مِنْ أَهْلِهَا غَائِبٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا أَحَيُّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ، ضَرَبُوا الطَّبْلَ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا، سَمِعُوا صَوْتَ الطَّبْلِ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَمْ يَسْمَعُوا لَهُ صَوْتًا، وَفِي الْمَدِينَةِ الرَّابِعَةِ مِرْآةٌ مِنْ حَدِيدٍ، إِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ، فَأَحَبُّوا أَنْ يَعْلَمُوا حَالَتَهُ أَتَوُا الْمِرْآةَ، فَنَظَرُوا فِيهَا، فَأَبْصَرُوهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَفِي الْمَدِينَةِ الْخَامِسَةِ وِزَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ صَوَّتَتِ الْوِزَّةُ صَوْتًا يَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّادِسَةِ قَاضِيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الْمَاءِ، فَيَجِيءُ الْمُحِقُّ وَالْمُبْطِلُ، فَيَمْشِي الْمُحِقُّ عَلَى الْمَاءِ حَتَّى يَجْلِسَ مَعَ الْقَاضِي، وَيَرْتَمِسُ الْمُبْطِلُ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّابِعَةِ شَجَرَةٌ ضَخْمَةٌ، لَا تُظِلُّ إِلَّا سَاقَهَا، فَإِنْ جَلَسَ تَحْتَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَظَلَّتْ إِلَى أَلْفِ رَجُلٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ رَجُلٌ وَاحِدٌ جَلَسُوا كُلُّهُمْ فِي الشَّمْسِ "
الصفحة 79
160