كتاب المقلق لابن الجوزي

17- أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب النحوي قال: أنبأ أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عياش بن المغيرة قال: كان عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام إذا شهد جنازةً، وقف على القبر فقال:
(ألا أراك ضيقاً، ألا أراك دقعاً، ألا أراك مظلماً، لأن سلمت لأتأهبن لك أهبتك، فأول شيء تراه عيناه من ماله يتقرب به إلى ربه، وإن كان رقيقه ليتعرضون له عند انصرافه من الجنائز ليعتقهم) .
18- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أحمد بن أحمد قال: ثنا أبو نعيم الأصفهاني قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنا أحمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير قال: حدثنا يحيى بن الفضل قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر: (أنه بينا هو ذات ليلة يصلي بكى، وكثر بكاؤه ففزع أهله فتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء، فإذا هو يبكي، فقال: يا أخي ما الذي أبكاك قد رعت أهلك؟ فقال: مرت بي آية من -[44]- كتاب الله عز وجل. قال: وما هي؟ قال: قول الله عز وجل: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما.
ولما احتضر ابن المنكدر اشتد جزعه وقال: (أخاف أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب، وكذلك كان يقول أخوه عمر بن المنكدر، آية من كتاب الله أبكتني: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} .

الصفحة 43