كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

والمَحْيا والمَمَاتِ: مَفْعَلٌ، من الحياة والموت، يقع على المصدر والزمان والمكان، وفتنة المحيا كثيرة وفتنة الممات: فتنة القبر، وقيل: عند الاحتضار، والجمع بين فتنة المحيا والممات، وفتنة الدجال وعذاب القبر، من باب ذكر الخاص مع العام ونظائره كثيرة.
قوله: "ومن فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال" المسيح أثنان: نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، والدجال، ولم يختلف في ضبط المسيح عيسى على ما هو في القرآن، وإنما اختلف في معناه:
فقيل: سمي مسيحا لمسحه الأرض، فعيل بمعنى فاعل. وقيل: لأنه كان إذا مسح ذا عاهة برىء من دائه. وقيل: لأنه كان ممسوح القدم لا أخمص له، وقيل: لأن الله تعالى مسحه، أي: خلقه خلقا حسنا، والمسحة: الجمال والحسن، وقيل: لأن زكريا مسحه عند ولادته. وقيل: لأنه خرج ممسوحا بالذهن، وقيل: بل المسيح بمعنى: الصديق.
وأما الدجال فهو مثل المسيح عيسى في اللفظ عند عامة أهل المعرفة والرواية، عن أبي مروان بن سراج1 وغيره: كسر الميم مع تشديد السين، وأنكره الهروي، وجعله تصحيفا، وقال بعضهم: كسرت الميم للتفرقة بينه وبين عيسى عليه السلام، وقال الحربي: بعضهم يكسرها في الدجال ويفتحها وكل سواء، وقال أبو الهيثم: والمسيح بالحاء المهملة: ضد المسيخ "بالخاء المعجمة": مسحه الله إذ خلقه خَلْقًا حسنا، ومسخ
__________
1 هو عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن سراج أبو مروان النحوي، إمام أهل قرطبة برع في علم اللسان وارتقى ذروته وهو من ذرية سراج بن قرة الكلابي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة: 489هـ، ترجمته في "بغية الوعاة" "2/ 110".

الصفحة 105