كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

وأحسنهم عشرة وأشجعهم1، وأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية، لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله تعالى، وكان خلقه القرآن، وكان أكثر الناس تواضعًا، يقضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفة، ما سئل شيئًا قط فقال: لا، وكان أحلم الناس، وأشد حياءً من العذراء في خدرها، القريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق سواء.
ما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، ولا يأكل متكئًا ولا على خوان، ويأكل ما تيسر، وكان يحب الحلواء والعسل، ويعجبه الدباء، وقال: نعم الإدام الخل، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ويكافئ على الهدية.
ويخصف النعل ويرقع الثوب، ويعود المريض، ويجيب من دعاه من غني ودني وشريف، ولا يحقر أحدًا.
وكان يقعد تارة القرفصاء، وتارة متربعًا، وتارة يتكيء، وفي أكثر أوقاته محتبيًا بيديه.
وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس في الإناء2 ثلاثًا خارج الإناء.
ويتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثًا لتفهم.
ولا يتكلم في غير حاجة ولا يعقد ولا يقوم إلا على ذكر الله تعالى.
__________
1 كذا في "ش": "وأشجعهم" وفي "ط": "وأخشعهم" وهو حسن، وإن شئت فأجمع بينهما، وقل: وأحسنهم عشرة وأشجعهم وأخشعهم وأعلمهم بالله ... إلخ.
2 كذا في "ش" وفي "ط": "في الشراب" وهما بمعنى.

الصفحة 513