كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

بالعهد، والصَّمت في الجالس من غير عيٍّ، والتواضع من غير حاجة، وإجلال الكبير، والرفق بالصغير، والرأفة والرحمة للمسكين، والصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، وكمال الفتوة: الخشية لله عز وجل، فينبغي للفتى أن يكون فيه هذه الخصال، فإذا كان كذلك كان فتى بحقه.
قال بشر: وكذلك كان أحمد بن حنبل فتى؛ لأنه قد جمع هذه الخصال كلها.
وعن أبي زرة: عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، قال: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل في العلم والزهد والفقه والمعرفة وكل خير، ما رأت عيناي مثله، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا أجمع منه، وما رأيت أحدًا أكمل منه.
وعن المزي صاحب الشافعي أنه قال: أحمد بن حنبل "يوم المحنة"1. وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار2، وعلي يوم صفين.
وعن أبي داود السجستاني، قال: رأيت مئتي شيخ من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس: فإذا ذكر العلم تكلم.
وعن إبراهيم الحربي، قال سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأحمد بن حنبل في زمانه.
وعن عبد الوهاب الوراق قال: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فردُّوه إلى عالمه" 3.
__________
1 عبارة "يوم المحنة": مستدركة من "ط".
2 يوم الدار: هو اليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر "تاريخ الطبري": "4/ 365- 396".
3 قطعة من حديث وراه أحمد في "المسند": "2/ 181" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده وإسناده حسن، وهو عند عبد الرازق في "المصنف" "11/ 216-217" ولفظه فيه: "فكلوه إلى عالمه".

الصفحة 538