كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

"المقنع" في فقه الإمام أحمد، للإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي1، وقد أغناه بتحقيقات وتقيدات وفوائد عزيزة، أبانت عن عمق فهمه، وبعد غوره، وسعة اطلاعه في شؤون العربية والفقه على حد سواء، "ولا نستطيع ونحن نقرأ هذا الكتاب العظيم إلا أن نصنف مؤلفه بين المحققين بمفاهيم عصرنا، وحين نتدبر ما كتب فيه ونتمعنه تظهر لنا السِّمَات الآتية في منهجه:
أعنايته بالنسخة الأصلية لكتاب: "المقنع"، الذي شرح ألفاظه وأبان عن حال غريبه، وكان في مقدمة ذلك، احتفاؤه بنسخة المؤلف التي بخطه واعتداده بها واحتجاجه بما كتب فيها.
ب رجوعه إلى كتب المقدسي الفقهية الأخرى، كـ " المغني"، و "الكافي"، و "الروضة".
ج عدم تغييره لعبارة المقدسي، ومحافظته عليها وبيان رأيه في ذلك، وقد التزم المؤلف بذلك منهج السلف، الذين كانوا لا يغيرون ما وقفوا عليه من الأوهام والأخطاء في الكتب، ويؤثرون الحفاظ على رسمها وصورتها، ولو كان فيها ما هو لحن ومخالف للعربية.
والخلاصة فإن البَعْلِيّ -في كتابه هذا- قد رسم لمن بعده معالم للتحقيق، فليس كتابه شرحًا للغريب فحسب، وإنما هو تحقيق لكتاب "المقنع" وتحرير لنصه، وضبط لألفاظه، وتصحيح لما جاء فيه من الأوهام اليسيرة، وتحر لما كتبه المقدسي، وتخريج لعباراته وتوجيه لها الوجهة الصحيحة.
ويتلخص منهج البعلي في كتابه هذا بالأمور التالية:
1 استقراؤه للألفاظ اللغوية في مواطنها ومظانها، فإن وجد شيئًا أتى
__________
1 الذي سبق لنا تحقيقه، ونشرته مكتبة: السوادي بجدة: سنة 1421هـ - 2000 م.
قدامة المقدسي 1 وتقييدها لفظًا.
وقد تُذكر ألفاظ تشكل على بعض المبتدئين دون غيرهم، وربما ذكرت فيه إعراب بعض اللفاظات، التي قد يغلط فيها.
وهو مرتب على أبوابه، ولا تؤخر لفظة من باب إلى آخر غالبًا، إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب2، كلفظة الغُسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب، وأخرت الكلام على الأسماء الأعلام3، فبدأت باسم النَّبيِّ، صلى الله عليه وسلم، ثم بالأنبياء، عليهم السلام، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف رضي الله عنهم، وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قوله: "الحمد لله"، الحمد: هو الثناء عليه بجميع4 صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون5 لمسدي النعمة
__________
1 هو، شيخ الإسلام الإمام القدوة، العلامة المجتهد، موفق الدين أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقسدي، الجماعيلي الدمشقي الصالحي، عالم الشام في زمانه، وصاحب كتاب: "المغني"، قال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة: ومفتي الأمة، خصه الله تعالى بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وما أظن الزمان يسمح بمثله، مات سنة 620هـ، انظر: "سير أعلام النبلاء": 22/ 165- 173، و: "المنهج الأحمد": 4/ 148-،165 و: "شذرات الذهب: 7/ 155-163".
2 كذا في "ش": "إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب"، وفي: "ط": "إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب ثَمَّ"، فاقتضى التنويه.
3 كذا في: "ش" "الأسماء الأعلام"، وفي: "ط": "أسماء الأعلام".
4 كذا في: "ش" "بجميع" وفي: "ط": "بجميل".
5 زيادة من: "ط" "وغيره" في: "ط" "ولغيره" بإعادة الجار.

الصفحة 6