كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

والثالث: أن "إسم" زيادة، ومن ذلك قولهم: "من الطويل"
إلى الحول ثُمَّ اسمُ السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر1
أي السلام عليكما.
و"الرحمن الرحيم". قال أبو البقاء:2 يجوز نصبهما على إضمار "أعني". ورفعهما على تقدير: هو. واختلفوا فيهما، فقيل: هما بمعنى واحد، كندمان ونديم، ذكر أحدهما بعد الآخر تطميعا لقلوب الراغبين، وقيل: هما بمعنيين، فالرحمن، بمعنى الرزاق3 للخلق في الدنيا على العموم، والرحيم بمعنى العافي عنهم في الآخرة، وهو خاص
__________
1 البيت للبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه وهو في "ديوانه" صفحة: 214 و"مشكل القرآن" صفحة: 198 و"معاني القرآن" للفراء: 1/ 448 و"مجاز القرآن": 1/ 16 و"الخزانة": 2/ 217 وقبله:
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر
ثم أمرهما بأمره فقال:
فقوما فقولا بالذي قد علمتما ... ولا تخمشا وجها ولا تنتفا شعر
وقولا هو المرء الذي لا خليله ... أضاع ولا خان الصديق ولا غدر
إلى الحول ... الخ ... ............................
وقوله إلى الحول: أي افعلا ذلك إلى الحول، واعتذر: هنا بمعنى أعذر أي بلغ أقصى الغاية في العذر واللافت للنظر في الأبيات الصيغة العالية لنفوس الصحابة رضي الله عنهم تلك الصيغة التي أنعم الله بها عليهم لما التزموا بالإسلام عقيدة ومنهج حياة وعمل: فلبيد رضي الله عنه يلتزم بما أمر به الإسلام التزامًا كاملًا بالنسبة للبكاء على الميت، ويؤمن بالموت إيمانًا كاملًا: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} ويحب أن يذكر لصالح عمله فرضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين وجزاهم عنا خيرا فذكرهم يعطر النفوس، ويبعث فيها الهمة للاندفاع نحو شرع الله جل وعلا تطبيقًا والتزامًا بما جاء فيه.
2 انظر "إملاء ما من به الرحمن" "1/ 4".
3 كذا في "ش" وفي "ط": "الرزاق".

الصفحة 92