كتاب المطلع على ألفاظ المقنع

كأنها جبل، وحلف بيمين كالسموات والأرضين، كما يقال: هذه الكلمة تملأ طباق الأرض، أي: أنها تسير وتنتشر في الأرض كما قالوا: كلمة تملأ الفم وتملأ السمع ونحوها من الكلام، والملء "بكسر الميم" الاسم وبفتحها المصدر من قولك، ملأت الإناء أملؤه ملأ. آخر كلام الخطابي.
والمشهور في الرواية "ملءَ" بالنصب ووجهه أنه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال: لك الحمد حمدًا ملء السماء، ويجوز الرفع بحيث قال بعض المتأخرين: لا يجوز غيره، ووجهه: أنه صفة للحمد أي: لك الحمد المالىء؛ لأن ملء وإن كان جامدا، فبمعنى المشتق، ويجوز أن يكون عطف بيان.
قوله: "وَيَخِر ساجدا" قال ابن الأنباري: السجود يرد بمعان.
منها: الانحناء والميل من قولهم: سجدت الدابة وأسجدت: إذا خفضت رأسها لتركب. ومنها الخشوع والتواضع. ومنها التحية.
وقال الجوهري: سجد: خضع، ومنه سجود الصلاة.
قوله: "يفرش رجله" "بفتح الياء" والمشهور فيه ضم الراء، وذكر القاضي عياض في "المشارق" كسر الراء، ولم يحك الضم.
قوله: "معتمدًا على صدور قدميه" قال الجوهري: صدر كل شيء أوله، والقدمان ليس لهما سوى صدرين، لكنه جيء به بلفظ الجمع؛ لأن كل مثنى معنى مضاف إلى متضمنه، يختار فيه لفظ الجمع على لفظ الإفراد، ولفظ الإفراد على لفظ التثنية، مثال الأول، قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُمَا} 1 ومثال الثاني قول الشاعر: "من الطويل"
حمامة بطن الواد يين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها2
__________
1 سورة التحريم: الآية"4".
2 البيت لتوبة بن الحمير، انظره مع أبيات أخرى في "منتهى الطلب" 1/ 225 و"زهر الآداب": 2/ 936.

الصفحة 97