كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

تشغل من الأرض؟! لا شيء، قال صلى الله عليه وسلم: «ما السماوات السبع والأرضين السبع في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة» (¬١) إذن لا يعلم قدره إلا الله - عز وجل - وليس لنا أن نسأل: من أين مادة الكرسي؟ من ذهب، من فضة، من لؤلؤ؟ ليس لنا الحق في أن نتكلم في هذا.
هو عرش عظيم كما وصفه الله {رب العرش العظيم} {ذو العرش المجيد} ، عرش عظيم جداً جداً، لا يعلم قدره إلا الله، استوى الله عليه لكمال سلطانه - جل وعلا - و (ثم) في قوله: {ثم استوى على العرش} تدل على الترتيب، أي أن خلق السماوات والأرض سابق على الاستواء على العرش، ومعنى {استوى} أي: على؛ لأن الاستواء في اللغة العربية إذا تعد بـ (على) كان معناها العلو، مثاله قول الله تبارك وتعالى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} ، ومن ذلك قوله تعالى عن نوح: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظلمين} .
فقوله: {استويت أنت ومن معك على الفلك} يعني علوت عليه،
---------------
(¬١) أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب العظمة (٢/٥٦٩ - ٥٧٠رقم ٢٠٦) . وابن حبان كما في الموارد (١/١٩١- ١٩٢ رقم ٩٤) والحديث صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم ١٠٩) .

الصفحة 366