كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

أنه نزل عليه صلى الله عليه وسلم {ءايات} أي: علامات دالة على صدقه، وأن ما جاء به هو الحق، {بينات} ظاهرات بما اشتملت عليه من القصص النافعة، والأخبار الصادقة، والأحكام العادلة، والفصاحة التامة، والبيان العجيب، حتى إن العرب وهم أئمة البلاغة وأمراؤها تحداهم الله - عز وجل - عدة مرات أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولم يستطيعوا، {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قوله: {ليخرجكم} يحتمل أن يكون المراد بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أي يكون سبباً في إخراجكم من الظلمات إلى النور، ويحتمل أن يعود إلى الله - عز وجل - أي ليخرجكم الله تعالى بهذه الآيات من الظلمات إلى النور، وكلا المعنيين حق، قال الله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} وقال الله تعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} فالنبي صلى الله عليه وسلم سبب في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأما المخرج حقيقة فهو الله - عز وجل -، والمراد بالظلمات: ظلمات الجهل، وظلمات الشرك، وظلمات العدوان، وظلمات العصيان، وكل ما خالف الحق فهو ظلمة، وكل ما وافقه فهو نور، {وإن الله بكم لرءوف رحيم} ، هذه الجملة خبرية مؤكدة بإن، واللام {لرءوف رحيم} الرأفة أرق الرحمة، والرحمة أعم، فهو - عز وجل - رؤوف رحيم، أي ذو رحمة بالمؤمنين كما قال تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيماً} ورحمة الله سبحانه وتعالى إما
عامة وإما خاصة، فالعامة الشاملة لجميع الناس، والخاصة بالمؤمنين، كما قال - عز وجل -: {وكان بالمؤمنين رحيماً} فإذا قال قائل:

الصفحة 379