كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

في الدنيا كنا نصلي معكم ونتصدق ونذكر الله، {قالوا بلى} يعني أنتم معنا، ولكن في الظاهر دون الباطن، ولهذا قالوا: {ولكنكم فتنتم أنفسكم} يعني أضللتموها {وتربصتم} ، انتظرتم بنا الدوائر {وارتبتم} شككتم في الأمر، فليس عندكم إيمان {وغرتكم الأماني} أي: ظننتم أنكم محسنون لأنكم تقولون إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً، نوفق بين المؤمنين والكافرين، وبين الإيمان والكفر، إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا فهم مع المؤمنين، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم، فهم مع الكفار، ظنوا أنهم بهذه المداهنة كسبوا المعركة، فغرتهم الأماني {حتى جاء أمر الله} ، وذلك بموتهم {وغركم بالله الغرور} .
الغرور هو الشيطان ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى عنه حين وسوس إلى أبوينا قال الله عنه {فدلاهما بغرور} ، فالغرور هو الشيطان، {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} الأسير في الدنيا يمكن أن يفدي نفسه ويبذل المال فيسلم، لكن في الآخرة ليس فيه فدية، {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} أيها المنافقون، {ولا من الذين كفروا} الذين أعلنوا الكفر وصاروا أشجع من هؤلاء المنافقين فلا فدية لا لهؤلاء ولا لهؤلاء، {مأواكم النار} أي: مثواكم ومآلكم النار {هي مولاكم} الذي تتولونه، والتي تتولاكم، فهم يتولون النار بعمل أهلها، والنار تتولاهم لأنهم مستحقون لها {وبئس المصير} أي: المرجع وهذا تقبيح لها، أعاذنا الله منها، نسأل الله أن يجعلنا ممن زحزح عن النار وأدخل الجنة، ومن الفائزين المتقين المفلحين.
{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} أي: ألم

الصفحة 389