كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

إنسان تصدق على فقير من أجل أن يراه الناس، فيقولون: إن فلاناً كثير الصدقة، فهذا مرائي وصدقته لا تنفعه، ولا تقبل منه؛ لأن كل عمل يراد به غير الله فهو غير مقبول، قال الله - تبارك وتعالى - في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (¬١) وإنسان آخر يتعبد لله تعالى بعبادات غير مشروعة، صاحب بدعة لكنه مخلص، لو سألته لِمَ فعلت هذا؟ قال: أريد ثواب الله، وأريد التقرب إلى الله، فلا تنفعه هذه العبادة، لعدم المتابعة، فقوله - عز وجل -: {وأقرضوا الله قرضاً حسناً} أي: مخلصين فيه لله، متبعين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فإن قال قائل: لماذا عبر الله تعالى بالقرض وهو الغني سبحانه وتعالى؟
فالجواب: يقول هذا - جل وعلا - ليبين أن أجرهم مضمون، كما أن القرض مضمون، وسيرد عليه الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، لكن كيف تكون الواحدة بعشرة وهي ربا في القرض، كيف يكون هذا؟ الجواب: أولاً: لا ربا بين العبد وبين ربه. ثانياً: القرض إذا أعطاك المقترض شيئاً بدون شرط فهو حلال؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استقرض بكراً، والبكر يعني بعيراً صغيراً، وردَّ
---------------
(¬١) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله (٢٩٨٥) .

الصفحة 393