كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

والإيمان بوجود الله لا ينكره إلا مكابر في الواقع، لأن كل إنسان يعرف أن هذا الكون المستقر المنظم لابد له من موجد ومنظم، والموجد والمنظِّم هو الله - عز وجل - لأن كل إنسان يعلم أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يتصرف بهذا الكون، مَن الذي يأتي بالليل مع وجود النهار؟ ومن الذي يأتي بالنهار مع وجود الليل؟ لا أحد يقدر، إذن كل إنسان عاقل فهو مؤمن بقلبه وإن أنكر بلسانه، مؤمن بوجود الله - عز وجل -، وجه ذلك أن هذه الخليقة العظيمة لابد لها من مدبر، لو قال قائل: إنها جاءت هكذا صدفة، فنقول: إن الشيء إذا جاء صدفة لا يكون منظماً، ولو قال قائل: هي أوجدت نفسها، نقول: هذا أيضاً محال عقلاً، كيف توجد نفسها وهي عدم، هذا لا يمكن، إذن لابد لها من موجد، ولهذا قال الله تعالى في سورة الطور: {أفرءيتم ما تمنون أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} والجواب: بل أنت يا ربنا، نحن لا نقدر أن نخلق جنيناً في بطن أمه أبداً، قال الله - عز وجل -: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} استمعوا يا أيها الناس، خطاب للناس كلهم: الكافر والمؤمن، ولهذا إذا قرأت الآية يجب أن تستمع {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً} هذا الذباب المهين لا يمكن أن يخلقوه {ولو اجتمعوا له} ، كل المعبودات لا يمكن أن تخلق ذباباً وهو من أصغر الحيوان وأذلها، زد على هذا، {وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه} يعني لو أن الذباب أخذ من هذه الأصنام شيئاً ما استطاعت أن تستنقذه منه، قال أهل العلم: المعنى لو وقع الذباب على أحد هذه الأصنام

الصفحة 395