كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

نصراني ثم يموت ولم يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار» (¬١) {أولئك} ، أي: الذين آمنوا بالله ورسله {هم الصديقون} أي: البالغون في الصدق مبلغاً كبيراً، لأن الصديق صيغة مبالغة، والصدق يكون بالقصد وبالقول وبالفعل، فأما الصدق بالقصد فأن يقصد الإنسان بعبادته وجه الله تبارك وتعالى لا يقصد غيره، وإذا قصد بعبادته شيئاً غير الله فقد أشرك ولا يقبل عمله، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث القدسي عن الله تبارك وتعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (¬٢) .
الثاني: الصدق في القول بأن يكون الإنسان صادقاً فيما يخبر به، وقد أثنى الله تعالى على الصادقين، وأمرنا أن نكون معهم، فقال - جل وعلا -: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وأثنى على المهاجرين الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصدق وحث عليه، ورغَّب فيه، فقال: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولايزال الرجل يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى
---------------
(¬١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ? إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته (١٥٣) .
(¬٢) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله (رقم ٢٩٨٥) .

الصفحة 399