كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولايزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً» (¬١) .
أما الصدق بالفعل فمتابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن من كان صادقاً فيما يدعي من محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فليتبع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} وقد سمى بعض السلف هذه الآية آية المحنة، يعني الامتحان، فمن ادعى حب الله ورسوله قلنا له: عليك باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن اتبعه فهو صادق، وإن خالفه فليس بصادق، {والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم} الشهداء جمع شهيد، والمراد بهم من قُتلوا في سبيل الله، والقتال في سبيل الله: أن يقاتل الإنسان عدو الله لتكون كلمة الله هي العليا، قال ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليُرى مكانه: أي ذلك في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (¬٢) .
فالشجاع يحب القتال، كالصياد يحب أن يصيد، ويخرج ويتجشم المصائب ليصيد الصيد، وإذا صادها صارت عنده
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} (٦٠٩٤) ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله (٢٦٠٧) .
(¬٢) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب من سأل وهو قائم عالماً جالساً (١٢٣) ومسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله (١٩٠٤) .

الصفحة 400