كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

أرخص من كل شيء، فهذا يقاتل شجاعة، لأنه شجاع يحب أن يقاتل، ويقاتل حمية يعني عصبية لقومه، ويقاتل ليُرى مكانه، أي: رياء كما جاء في اللفظ الآخر، «ويقاتل رياء» قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» ومن قاتل ليسترد أرضه المغصوبة فهو من باب الحمية إلا إذا قال: أريد أن أستردها لأقيم عليها شعائر الإسلام، فهذا في سبيل الله، أما من قاتل لأن هذه أرضه ويريد أن ترد إليه، فهذا حمية ليس له أجر الشهداء إذا قتل، هؤلاء الشهداء {لهم أجرهم عند ربهم} أي: ثوابهم العظيم كما قال تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بمآ ءاتهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} ولما ذكر - عز وجل - أهل الإيمان وثوابهم ذكر أصحاب الشمال بعد ذلك قال: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} لأن القرآن مثاني، تثنى فيه الأمور والمعاني، ولهذا تجد القرآن الكريم في الغالب إذا ذكر الله الجنة ذكر النار، وإذا ذكر أولياء الله ذكر أعداء الله، والحكمة من ذلك أن لا يمل الإنسان، لأنه كلما تنقل المعنى إلى معنى آخر نشط الإنسان، وحكمة أخرى أن يكون الإنسان سائراً إلى الله، أي متعبداً إلى الله بين الخوف والرجاء؛ لأنه إذا مرت به صفات المؤمنين قوي جانب الرجاء، وإذا ذكرت أحوال الكافرين غلب جانب الخوف.
{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} عطف التكذيب على

الصفحة 401