كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

الكفر وهو نوع منه؛ لأنه أشد، فالذي يكفر ولم يكذب أهون من الذي يكفر ويكذب، فعطف كذبوا بآياتنا على كفروا من باب عطف الخاص على العام، كعطف الروح على الملائكة وهو منهم، قال الله تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها} والروح جبريل وهو من الملائكة، {أولئك أصحاب الجحيم} . الجحيم اسم من أسماء النار، وأصحابها يعني الملازمين لها، ولهذا إذا مرت آية فيها (أصحاب) فالمعنى أنهم ملازمون لها مخلدون فيها، نسأل الله العافية، وفي هذه الآيات الترغيب بالأوصاف التي توصل إلى الجنات، لأن الله تعالى لم يذكر لنا هذه الأمور لنتطلع عليها فقط، ولكن لنسعى لها، وفيها التحذير من الكفر والتكذيب؛ لئلا يقع الإنسان في هذا العقاب الأليم.
لما ذكر الله أحوال المؤمنين وأحوال الكافرين وهم في الدنيا، كل يعمل على شاكلته، بين حقيقة الدنيا ما هي، وأمرنا أن نعلم من أجل أن يجتهد الإنسان في التأمل والتفكر، فالأمر بالعلم بشيء واقع يعني أن المطلوب أن تتأمل كثيراً حتى يتبين لك الأمر، {اعلموا أنما الحياة الدنيا} وهي حياتنا هذه {لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال} ، خمسة أشياء: اللعب بالجوارح، بأن يعمل الإنسان أعمالاً تصده عن ذكر الله وعن الصلاة، وأما اللهو بالقلوب فهو الغفلة، وهذا أشد وأعظم، وغفلة القلب - اعاذنا الله منها وأحيا قلوبنا - الغفلة عظيمة تفقدك جميع لذات الطاعة، وتحرم من جميع آثارها لقول الله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه} لم يقل: لا تطع من أسكتنا لسانه،

الصفحة 402