كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

بل قال: {من أغفلنا قلبه} ، وما أكثر ذكرنا باللسان مع غفلة الجنان، وهذا لا شك أنه ينقص الثواب، وينقص الآثار المترتبة على الذكر من صلاح القلب، والاتجاه إلى الله، والإنابة إليه وغير ذلك: {وزينة} أي: زينة بالملابس، وزينة بالمراكب، وزينة بالمساكن، وزينة في كل شيء، ولذلك تجد الإنسان ولو كان فقيراً يحب أن يزين بيته، وكذلك سيارته عند الزواج إذا أراد الزواج يركب سيارة يجعلون عليها عقوداً من الأزهار وغيرها من الزينة {وتفاخر بينكم} أي: كل واحد يفخر على الثاني، إما بالقبيلة، أو بالعلم، يكون هذاعنده علم بالطب، وهذا لا يعرف، وهذا علمه بالهندسة وهذا لا يعرف، فيفخر عليه، وأقبح من ذلك التفاخر بالعلم الشرعي، لأن العلم الشرعي يجب على الإنسان إذا اكتسبه ومنَّ الله عليه به أن يزداد تواضعاً، وأن يعرف نفسه وقدر نفسه، ومن ذلك ما يحصل بين الشعراء في بعض الأحيان من التطاول على الآخرين ومن التفاخر كما يوجد في بعض الأفراح وبعض المناسبات مما نسمع.
{وتكاثر في الأموال والأولاد} أي يحب أن يكون أكثر أموالاً وأكثر أولاداً. وهذا كقوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا} هذه حقيقة الدنيا، ومع هذا اللهو واللعب والتفاخر والزينة لا تبقى، فلابد أن تزول، وإذا طال الزمان عاد الإنسان إلى الهرم، وفي هذا يقول الشاعر:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم

الصفحة 403