كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

أوحاه الله تعالى إليهم وما من رسول إلا معه كتاب، بخلاف النبي، فالنبي قد لا يكون معه كتاب، لكن الرسول لابد أن يكون معه كتاب، لأن الرسول لابد أن يعطي الناس الذين يدعوهم ما يشاهدونه بأعينهم. وفيه الأمر والنهي، والخبر والقصص وغير ذلك مما تقتضيه الحال.
وقوله: {الكتاب} المراد الجنس، يعني الكتب، وقوله: {والميزان} أي: العدل الذي توزن به الأشياء ويعرف قدرها وحالها، وهذا يدل دلالة واضحة على أن القياس الصحيح مما بعث به الرسل، لأن القياس تسوية فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، وقد قال الله - عز وجل -: {وأنزلنا معهم الكتاب والميزان} أي: العدل والمقايسة بين الأمور {ليقوم الناس بالقسط} أي ليقوم الناس في الدين والدنيا بالقسط بالعدل في حق الله، وفي حق العباد، والعدل في حق الله ما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال له: «أتدري يا معاذ ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً» (¬١) . يعني أن لا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئاً، أما حق المخلوق، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأت منيته وهو يؤمن
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي ? أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (٧٣٧٣) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً (٣٠) .

الصفحة 422