كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

قال الله تبارك وتعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله} إلى أن قال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} ، وقد تطلق التوبة من الله على توفيقه العبد إلى التوبة، فلله تعالى على العبد توبتان: توبة بمعنى التوفيق للتوبة، وتوبة بمعنى قبول التوبة. والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأَرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم} . {ثم تاب عليهم ليتوبوا} أي وفقهم للتوبة فتابوا، أما التوبة الأخرى وهي قبول توبة العبد، فمثل قوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات} وتوبة العبد تحتاج إلى شروط، إذ ليس كل توبة مقبولة، وليس كل من قال: أنا تائب إلى الله يكون تائباً، بل لابد من شروط:
الشرط الأول: أن يخلص لله تعالى في التوبة، أي لا يحمله على التوبة أنه خائف من أبيه، أو خائف من أخيه الأكبر، أو خائف من السلطات، أو تاب لأجل أن يقال: فلان مستقيم، والإخلاص لله في التوبة أن يكون الحامل له على التوبة طلب رضى الله - عز وجل - والوصول إلى كرامته، والإخلاص شرط في كل عبادة.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل، ومعنى يندم أي: يتحسر، ويتكدر أنه وقع منه هذا الشيء. ويخجل من الله عز وجل.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب في الحال. وذلك بأن

الصفحة 43