كتاب تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

القدرة الدالة على أن الله تعالى قادر على إحياء الموتى الذي أنكره هؤلاء المكذبون، وقوله: {أفلم ينظروا إلى السماء} يشمل نظر البصر، ونظر البصيرة، نظر البصر يكون بالعين، ونظر البصيرة يكون بالقلب، أي: التفكر، وقوله: {إلى السماء فوقهم كيف بنينها} قد يقول قائل: إن كلمة: {فوقهم} لا فائدة منها، لأن السماء معروفة أنها فوق، ولكن نقول: إن النص على كونها فوقهم إشارة إلى عظمة هذه السماء، وأنها مع علوها وارتفاعها وسعتها وعظمتها تدل على كمال خلقه وقدرته - جل وعلا - {كيف بنينها} بناها الله - عز وجل - بقوة وجعلها قوية، فقال - جل وعلا -: {وبنينا فوقكم سبعاً شداداً} أي قوية، وقال تعالى: {والسماء بنينها بأيد} أي بقوة، وهذا البناء لا نعلم كيف بناها الله - عز وجل - لكننا نعلم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، خلق الأرض في أربعة، والسماء في يومين، كما قال الله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات في يومين} وقوله: {وزينها} أي حسنَّا منظرها، بما خلق الله تعالى فيها من النجوم العظيمة المنيرة المنتظمة في سيرها، وهذه النجوم قال قتادة - رحمه الله - وهو من أئمة التابعين: «خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، وعلامات يُهتدى بها، ورجوماً للشياطين، فمن ابتغى فيها شيئاً سوى ذلك فقد أضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به» (¬١)
يشير إلى ما ينتحله المنجمون من الاستدلال بحركات هذه النجوم على الحوادث الأرضية، حتى إنهم يبنون سعادة الشخص وشقاءه على
---------------
(¬١) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم كتاب بدء الخلق، باب في النجوم..

الصفحة 77