كتاب البلدان لليعقوبي

وعلمت أنه لا يحيط المخلوق بالغاية، ولا يبلغ البشر النهاية، وليست شريعة لا بد من تمامها، ولا دين لا يكمل إلا بالإحاطة به، وقد يقول أهل العلم في علم أهل الدين الذين هو الفقه مختصر كتاب فلان الفقيه، ويقول أهل الآداب في كتب الآداب مثل اللغة، والنحو، والمغازي، والأخبار، والسير مختصر كتاب كذا، فجعلنا هذا الكتاب مختصرا لأخبار البلدان، فإن وقف أحد من أخبار بلد مما ذكرنا على ما لم نضمّنه كتابنا هذا، فلم نقصد أن يحيط بكل شيء.
وقد قال الحكيم: ليس طلبي للعلم طمعا في بلوغ قاصيته، واستيلاء على نهايته، ولكن معرفة ما لا يسع جهله، ولا يحسن بالعاقل خلافه، وقد ذكرت أسماء الأمصار، والأجناد، والكور، وما في كل مصر من المدن والأقاليم، والطساسيج «1» ، ومن يسكنه، ويغلب عليه، ويترأس فيه من قبائل العرب، وأجناس العجم، ومسافة ما بين البلد والبلد، والمصر والمصر، ومن فتحه من قادة جيوش الإسلام، وتأريخ ذلك في سنته، وأوقاته، ومبلغ خراجه، وسهله، وجبله، وبرّه، وبحره، وهوائه في شدة حرّه، وبرده، ومياهه، وشربه.

الصفحة 10