كتاب الروايتين والوجهين - المسائل الأصولية منه

عليه القطع، حتى يبين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- القطع في ربع دينار (¬١) وقيمة المجن (¬٢)، فقد صرح بالأخذ بمجرد اللفظ، ومنع من الوقف فيه، وهذا يدل على أن (له) صيغة تدل بمجردها على كونه أمرًا.
وقال في رواية أبي عبد الرحمن الجوزجاني: من تأوَّل القرآن على ظاهره من غير دلالة من الرسول ولا أحد من الصحابة فهو تأويل أهل البدع، لأن الآية قد تكون عامة قصدت شيئًا (¬٣) بعينه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عن كتاب اللَّه، فقد منع من الأخذ بظاهر الآية حتى يقترن بيان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فظاهر هذا أنه لا صيغة له تدل بمجردها على كونه أمرًا، بل هو على الوقف حتى يدلُّ الدليل على المراد بها، من وجوب، أو ندب، والمذهب هو الأول، وأن له صيغة تدل بمجردها على كونه أمرًا، ولا يجب الوقف فيه، وقد صرح به في مواضع كثيرة من كلامه في مسائل الفروع.
وجه من ذهب إلى الوقف، أن هذه الصيغة ترد والمراد بها الوجوب، كقوله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (¬٤)، وترد والمراد بها الندب، كقوله:
---------------
(¬١) صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٤/ ١٧٣ وصحيح مسلم - كتاب الحدود - باب حد السرقة ونصابها - ٤/ ١٣١٢ حديث ١٦٨٤. وسنن أبي داود - كتاب الحدود - باب ما يقطع فيه السارق ٤/ ٥٤٥ حديث ٤٣٨٣. وسنن ابن ماجه - كتاب الحدود - باب حد السارق - ٢/ ٨٦٢ حديث ٢٥٨٥. وسنن الترمذي - أبواب الحدود - باب ما جاء في كم يقطع السارق ٣/ ٣ حديث ١٤٦٩.
(¬٢) صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٤/ ١٧٤. وصحيح مسلم - كتاب الحدود - باب حد السرقة ونصابها ٤/ ١٣١٣ حديث ١٦٨٦، وسنن أبي داود - كتاب الحدود - باب ما يقطع فيه السارق ٤/ ٥٤٧ حديث ٤٣٨٥، وسنن النسائي - كتاب الحدود - باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده ٨/ ٧٦، وسنن ابن ماجه - كتاب الحدود - باب حد السارق ٢/ ٨٦٢ حديث ٢٥٨٤ و ٢٥٨٦.
(¬٣) في الأصل بشيء.
(¬٤) سورة المزمل ٢٠ والبقرة ٤٣.

الصفحة 36