كتاب الروايتين والوجهين - المسائل الأصولية منه

شيء، لأنّه لا مثل له، فلا معنى أن ينفي التشبيه عن مثله، وقال {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬١) ومعناه أهلها، {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (¬٢) معناه حب العجل.
واحتج من قال لا مجاز فيه، بأن المجاز إنما يحتاج إليه من لا يتبع كلامه للحقائق، فيعيرا للفظ الموضوع لمعنى فيستعمله في غير موضعه، وهذا لا يجوز بوهم على اللَّه، وهذا غلط، لأن إستعمال اللفظ في غير موضعه يحسن في لغتهم، كما يحسن في موضعه، كما أنّ الإِطالة قد تحسن في موضوع كما يحسن الإِيجاز، وقد وجدت الإِطالة في كتاب اللَّه -تعالى-، ولم يجز أن يقال: إن الإِطالة لا تجوز في كلامه، لأن الإِطالة إنّما يحتاج إليها من لا يقدر على الإِيجاز، ومعلوم أن ليس جملة كلامه إيجازًا.

الإِحتجاج بقول الصحابي:
٨ - مسألة:
إذا قال الصحابي قولًا ولم ينتشر في الصحابة هل يكون حجة ويقدم على القياس أم لا؟
على روايتين، إحداهما أنه حجة مقدم على القياس، نص عليه في مواضع، فقال في رواية أبي طالب: إذا أخذ المشركون أموال المسلمين فأدركه قبل قسمته فهو أحق به، وإن أدركه وقد قُسّمَ فلا حق له، كذا قال عمر (¬٣). ولو كان القياس كان له، لأن الملك لا يزول إلا بهبة أو صدقة، ولكن كذا قال عمر، فقد قدم قول الصحابي على القياس.
---------------
(¬١) سورة يوسف ٨٢.
(¬٢) سورة البقرة ٩٣.
(¬٣) السنن الكبرى للبيهقي - كتاب السير - باب من فرق بين وجوده قبل القسم وبين وجوده بعده ٩/ ١١٢، وسنن الدارقطني - كتاب السير - ٤/ ١١٤ حديث ٣٧، ومجمع الزوائد للهيثمي - كتاب =

الصفحة 49