كتاب الروايتين والوجهين - المسائل الأصولية منه

في رواية الجماعة المغمي عليه يقضي، لأن النبي -عليه السلام- أغمي عليه فقضي (¬١).
والثانية أن ذلك على الندب، وهو ظاهر كلامه في رواية إسحاق بن إبراهيم، قال الأمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سوى الفعل، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل الشيء على جهة الفضل، وقد يفعل الشيء وهو له خاص، وإذا أمر بالشيء فهو للمسلمين، وهذا ظاهر من كلامه أن ذلك لا يقتضي الوجوب.
وجه من قال: إنها على الوجوب قوله -تعالى- {وَاتَّبِعُوهُ} (¬٢) وهذا عام، ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي فخلع نعله فخلعوا نِعَالِهِم فلما فرغ قال: لِم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا قال: أتاني جبريل فأخبرني أنّ فيهما قذرًا (¬٣)، فلم ينكر عليهم قولهم رأيناك فاتبعناك، بل أقرهم، ولأن الصحابة اختلفت في وجوب الغسل بالتقاء الختانين، فقال قوم يجب، وقال أُبيّ بن كعب وغيره لا يجب ما لم ينزل. فسألوا عائشة عن ذلك فقالت: إذا التقى الختانات وجب الغسل، فعلته أنا ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاغتسلنا (¬٤)، فأقروها على ما احتجت به في وجوبه من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذوا بذلك، ولأن أفعاله كأقواله، بدليل أنه يخصّ بها العموم.
---------------
= الحج - باب الدعاء بعد رمي الجمار ٥/ ٢٧٦. وسنن الدارمي - كتاب المناسك - باب الرمي من بطن الوادي والتكبير مع كل حصاه ٢/ ٦٣ عن ابن عمر.
(¬١) لم أجده مرفوعًا وقد أخرج ابن أبي شيبة الإعادة عن عدد من الصحابة، مصنف ابن أبي شيبة ٣/ ٢٦٨ و ٢٦٩.
(¬٢) سورة الأعراف ١٥٨، وتمام الآية {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
(¬٣) صحيح ابن خزيمة - كتاب الصلاة - باب المصلي إذا أصاب ثوبه نجاسة وهو لا يعلم ١/ ٣٨٤ حديث ٧٨٦، وسنن أبي داود - كتاب الصلاة - باب الرجل يصلي بالنعل ١/ ٤٢٦ حديث ٦٥٠. والفتح الرباني - كتاب الصلاة - باب الصلاة في النعل ٣/ ١٠٤ حديث/ ٤٠٠، والسنن الكبرى للبيهقي - كتاب الصلاة - باب من صلى وفي ثوبه أو نعله أذى أو خبث لم يعلم به ثم علم ٢/ ٤٠٢، ومصنف ابن أبي شيبة - كتاب الصلاة. باب من رخص في الصلاة في النعلين ٢/ ٤١٥.
(¬٤) أخرجه البخاري في كتاب الغسل - باب إذا التقى الختانان ١/ ٦٢ عن أبي هريرة بلفظ: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل"، وأخرجه مسلم في كتاب الحيض باب نسخ =

الصفحة 62