كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها

أعلاهم أو لأنه أدونهم، فمعنى "إِلَى" فِيهَا قائم إِذَا كَانَتْ "إِلَى" منتهى الغاية.
والكوفيون لا يجعلون "حَتَّى" حرف عطف، إنما يعربون مَا بعدها بإضمار.
حاشا:
معناها الاستثناء، واشتقاقها من "الحشا" وهي "الناحية" تقول: "خرجوا حاشا زيدٍ" أي: إني أجعله فِي ناحية من لَمْ يخرج ولا أجعله فِي جملة مَن خرج. قال الشاعر1:
بأيِّ الْحَشَا أمْسَى الخليطُ المُباينُ
ومن ذَلِكَ قولهم: "لا أحاشي بك أحداً" أي: لا أجعلك وإيّاه فِي حَشاً واحد، أي فِي ناحية واحدة بل أميّزك عنه.
ومما أوله خاء خَلا وَمَا خَلا:
أصلهما من قولنا: "خلا البيت" و"خلا الإناء" إِذَا لَمْ يكن فِيهِ شيء. كذلك إِذَا قلنا: "خرج النّاسُ خلا زيدٍ" فإنّما نُريد: أنه خلا من الخروج، أَوْ خلا الخروجُ منه. وَعَلَى هَذَا التأويل فالنصب فِيهِ أحسن. ومنه قول العرب: "افعَلْ كذا وخلاك ذمّ" يريدون "عَدَاك الذَّمُّ" و"خلوت من الذمّ".
ومما أوله راء رُبّ:
يقولون: للتقليل، وهي مُناقِضة لـ"كَمْ" الَّتِي للتكثير، تقول: "رُبّ رجلٍ لَقِيتُه".
وقال قوم: وُضِعَت لتذكُّر شيء ماضٍ من خيرٍ أَوْ شرٍّ. قال2:
__________
1 لسان العرب: مادة "حشا" ونسبته إلى المعطل الهذلي. وصدره:
يقول الذي أمسى إلى الحزن أهله
2 الأغاني: 2/ 95 لعدي بن زيد.

الصفحة 109