كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها

مِنْ أَبْصَارِهِمْ} 1، وقال آخرون "مِن" هذه للتبعيض لأنهم أمِروا بالغَضِّ عما يحرُم النَّظرُ إليه. ومن الباب {يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} 2 إي إيّاه. ومنه {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} 3 ومنه قوله4:
يوماً بِأجُوَدَ نائلاً منه إذا ... نَفْسُ البخيل تجَهَّمَتْ سُؤالَها
ومنه {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} 5. و"تواضَعَتْ سورُ المدينة" و6:
رأت مَرّ السنين أخّذْنَ مِنّي
و:
طُولُ الليالي أسرعَتْ في نقضي7
و:
صَرف المَنايا بالرّجال تقلَّبُ8
وقال الجَعْدي9:
جَزِعتَ وقد نالَتْكَ حَدُّ رماحنا ... بِقوهاءَ يُثِني ذِكْرها في المحافِلِ
باب الاثنين يعبر عنهما بهما مرّة وبأحدهما مرة:
قال أبو زكريا الفراء: تقول العرب: "رأيته بعيني, وبعينَيَّ" و"الدار في يدِي, وفي يدَيَّ". وكل اثنين لا يكاد أحدُهما ينفرد فهو على هذا المثال مثل:
__________
1 سورة النور، الآية: 30.
2 سورة آل عمران، الآية: 28.
3 سورة المائدة، الآية: 116.
4 ديوان الأعشى: 145. والنائل: العطاء.
5 سورة الرحمن، الآية: 27.
6 ديوان جرير: 341، والمقتضب: 4/ 200، وعجزه:
كما أخذ السرار من الهلال
7 المقتضب: 4/ 199 ونسبته إلى الأغلب العجلي، وفي شرح أبيات سيبويه: 1/ 366.
8 ديوان طفيل الغنوي40. ولسان العرب: مادة "سلف"، وصدره.
مضوا سلفا قصد السبيل عليهم
9 ديوان النابغة الجعدي: 225، وفي الأصل: بقوهاء، ولا وجه له. ويقال: طعنة فوهاء، أي: واسعة.

الصفحة 194