كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها
#قريناهم المأثورة البيضا#
وقال عمرو:
قَرَيْناكمْ فعجَّلْنا قِراكمْ ... قبَيْلَ الصُّبح مِرْداةً طَحونا
ومن الباب حكايةً عنهم: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} 1.
باب الكف:
ومن سنن العرب الكفُّ. وهو أن يكفَّ عن ذِكْر الخَبر اكتفاءً بما يدلّ عليه الكلام. كقول القائل2:
وَجدِّكَ لو شيءٌ أتانا رسوله ... سِواكَ ولكِن لم نَجِدْ لك مَدْفَعا
المعنى: لو أتانا رسولُ سِواكَ لدفَعناه. وقال آخر3:
إذا قلتُ سِيري نحوَ ليلى لعلَّها ... جرى دونَ ليلى مائلُ القَرْن أعضبُ
وترك خبر "لعلّها". وقال:
فمَن لَه في الطَّعْنِ والضِّرابِ ... يلمع في كفيَّ كالشِّهاب
أي: مَن له في سيف. ومنه قوله جل وعز في قِصة فرعون: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ} 4 أراد: أم تبصرون. وما يقرب من هذا الباب قوله5:
تضِيءُ الظلامَ بالعِشاءِ كأنها ... مَنارَةُ مُمْسَى رَاهبٍ متَبَتِّلِ
أراد: سُرُج منارة.
باب الإعارة:
العرب تُعير الشيء ما ليس له. فيقولون: "مَرَّ بينَ سمعِ الأرض وبَصَرِها"
__________
1 سورة هود، الآية: 87.
2 ديوان امرئ القيس: 130.
3 تذكرة النحاة: 573 بلا عزو، ومغني اللبيب: 2/ 701. والأعضب: ولد البقرة إذا طلع قرنه.
4 سورة القصص، الآية: 72.
5 ديوان امرئ القيس: 46.
الصفحة 197
238