كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها
لما أتى خبَرَ الزُّبيْر تواضَعَتْ ... سور المدينة والجبال الخشع
و1:
بكى حارِثُ الجولان من هُلْكِ ربه
[و] 2:
لَوْ انَّك تُلْقِي حَنْظَلاًُ فَوْقَ بَيْضِنا ... تحدرج [عن ذي ساحه المتقارب]
ويقولون3:
ضَرَبتُه فِي الملتقى ضَرْبةً ... فزال عن مَنْكِبِهِ الكاهلُ
فصار ما بَيْنَهما رَهْوةً ... يمشي بِهَا الرَّامِح والنّابِلُ
باب نفي ضمنه إثبات:
تقول العرب: "لَيْسَ بحُلو ولا حامضٍ" يريدون أنه جَمَعَ من ذا وذا. وَفِي كتاب الله جلّ ثناؤه: {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} 4 قال أبو عبيدة: لا شرقيّة تضحى للشرق ولا غربية لا تضحى للشرق لكنها شرقية غربيّة يصيبها ذا وذا: الشرق والغرب.
باب الاشتراك:
معنى الاشتراك: أن تكون اللفظة محتملة لمعنين أَوْ أكثر، كقوله جلّ ثناؤه: {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} 5 فقوله: {فَلْيُلْقِهِ} مشترك بَيْنَ الخبر وبين الأمر، كَأَنَّه قال: فاقذفيه فِي اليم يُلْقِهِ اليم. ومحتمل أن يكون اليمُّ أمر بإلقائه.
__________
1 للنابغة الذبياني، ديوانه: 213، وعجزه:
وحوران منه موحش متضائل
وحارث الجولان: جبل.
2 ديوان قيس بن الخطيم: 86، وتاج العروس: مادة "سوم"، وإتمامه من الديوان. والسام: عروق الذهب، الواحدة: سامة، وأرادوا بالسام: خطوط ذهب على البيض تموه بها. والبيضة: الحديد، أي الخوذة، والتي توضع على الرأس. تحدرج: أي تدحرج، والمراد أن القوم تراصوا في الحرب حتى لو ألقيت حنظلا فوق بيضهم لهم يصل إلى الأرض.
3 الحيوان للجاحظ: 6/ 413، ونسبته إلى ذي اليمينين.
4 سورة النور، الآية: 35.
5 سورة طه، الآية: 39.
الصفحة 207
238