كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة أحمد بن فارس لأبي عمرو محمد بن سعيد الكاتب:
تناول ابن فارس في هذه الرسالة مسألة المفاضلة بين شعراء الجاهلية والمولدين
قدم الثعالبي لهذه الرسالة بقوله: إنها في غاية الملاحة، وقد تضمنت نماذج من ملح شعراء الجبل وغيرهم من المعاصرين، وفيها ظرف أخبارهم ... وهذا نصها:
"ألهمك الله الرشاد، وأصحبك السداد، وجنبك الخلاف، وحبب إليك الإنصاف.
وسبب دعائي بهذا لك: إنكارك على أبي الحسن محمد بن علي العجلي تأليفه كتابًا في الحماسة، وإعظامك ذلك. ولعله ما فعل -حتى يصيب الغرض الذي يريده، ويرد المنهل الذي يؤمه- لاستدرك من جيد الشعر ونقيه، ومختاره ورضيه كثيرًا مما فات المؤلف الأول.
فلماذا الإنكار، ولم هذا الاعتراض، ومن ذا حظر على المتأخر مضادة المتقدم؟ ولم تأخذ بقول من قال: "ما ترك الأول للآخر شيئًا" وتدع قول الآخر: "كم ترك الأول للآخر؟ ", وهل الدنيا إلا أزمان، ولكل زمن منها رجال؟ وهل العلوم بعد الأصول المحفوظة إلا خطرات الأفهام ونتائج العقول؟ ومن قصر الآداب على زمان معلوم، ووقفها على وقت محدود؟ ولم لا ينظر الآخر مثل ما نظر الأول -حتى يؤلف مثل تأليفه، ويجمع مثل جمعه، ويرى فِي كلّ ذَلِكَ مثل رأيه؟
وما تقول لفقهاء زماننا إذا نزلت بهم من نوازل الأحكام نازلة لم تخطر على بال من كان قبلهم؟ أو ما علمت أن لكل قلب خاطرًا ولكل خاطر نتيجة؟ ولم جاز أن يقال بعد أبي تمام مثل شعره وَلَمْ يَجُزْ أن يؤلف مثل تأليفه؟ ولم حجرت واسعًا وحظرت مباحًا، وحرمت حلالا، وسددت طريقًا مسلوكًا؟ وهل حبيب إلا واحد
الصفحة 217
238