كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها

وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هرْجَابٍ فنق
وفي أمثال العرب: "باقِعَةٌ"1, و"شرَاب بأَنْقُع"2, و"ومُخْرَنْبِقٌ لِيَنْباع"3.
والذي أشكل لإيماء قائله إِلَى خبر لَمْ يُفصح بِهِ كقول القائل: "لَمْ أفِرَّ يومَ عَيْنَيْنِ" و"رُويداً سَوْقَكَ بالقوارير" وقول امرئِ القيس:
دع عنك نهباً صِيح فِي حَجَراته4
وقول الآخر5:
إِن العصا قُرِعَت لِذِي الحِلْمِ
وَفِي كتاب الله جل ثناؤه مَا لا يعلم معناه إِلاَّ بمعرفة قصته، قوله جلّ ثناؤه: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} 6 وفي أمثال العرب: "عَسَى الغُوَيْر أبْؤُساً"7.
والذي يشكل لأنه لا يُحَدُّ فِي نفس الخطاب, فكقوله جلّ ثناؤه: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} 8 فهذا مجمّل غير مفصل حَتَّى فَسَّره النبي -صلى الله عَلَيْهِ وسلم: والذي أشكل لوجَازة لفظه قولهم9:
الغَمَراتِ ثُمَّ يَنْجَلِينَا
والذي يأتيه الإشكال لاشتراك اللفظ قول القائل10: "وضَعوا اللُّجَّ عَلَى قَفيَّ".
__________
1 مجمع الأمثال: 1/ 96. والباقعة: الداهية.
2 مجمع الأمثال: 1/ 390، ويضرب لمن يعاود الأمر مرة بعد مرة.
3 جمهرة الأمثال: 2/ 225، والمخرنبق: اللاطئ. ينباع: ينبسط ويثب.
4 ديوانه: 146، وشطره:
ولكن حديثًا ما حديث الرواحل
5 هو الحارث بن وعلة، انظر جمهرة الأمثال: 1/ 321. وصدر البيت:
وزعمت أنا لا حلوم لنا
6 سورة البقرة، الآية: 97.
7 جمهرة الأمثال: 2/ 45.
8 سورة الأنعام، الآية: 72.
9 جمهرة الأمثال: 2/ 71 بلا عزو، وفي ديوان الأغلب العجلي: 167. والمقاييس مادة "غمر" بلا عزو.
10 الحديث لطلحة كما في أساس البلاغة مادة "لجج". وأراد السيف شبهه باللج في كثرة مائه.

الصفحة 42