كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها
شَرِبَتْ بماء الدُّحْرَضَيْنِ
وباء المصاحبة: "دخل فلان بثيابه وسيفه" وقوله عزّ وجلّ: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} 1 ومنه "ذهبت بِهِ" لأنك تكون مصاحباً لَهُ. والباء الَّتِي فِي موضع "فِي" قوله2:
مَا بُكتْ الكبير بالأَطلال
والتي فِي موضع "عَلَى" قوله3:
أربٌ يبول الثَّعْلُبانُ برأسه
أراد "عَلَى".
وباء البدل, قولهم: "هَذَا بذاك" أي عوض منه. ومنه:
قالت بما قَدْ أراهُ بصيراً
وباء تعدية الفعل "ذهبت بِهِ" بمعنى "أذهبته". وقوله جلّ ثناؤه: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} 4 لَيْسَ من ذا، لأن سرى وأسرى واحد.
وباء السبب قوله جلّ ثناؤه: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} 5 أي من أجله. فأما قوله جلّ وعزّ: {وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ} 6 فمحتمل أن يكونوا كفروا بِهَا وتبرءوا منها. ويجوز أن تكون باء السبب، كَأَنَّه قال: "وكانوا من أجل شركائهم كافرين".
والباء الدالّة عن نفس المُخبّر عنه والظاهر أنها لغيره قولك: "لقيت بفلان
__________
1 سورة المائدة، الآية: 61.
2 ديوان الأعشى: 204، وعجزه:
وسؤال فهل ترد سؤالي
3 الحيوان: 6/ 304 بلا عزو، وفي ديوان العباس بن مرداس: 167. وعجزه:
لقد هان من بالت عليه الثعالب
وقيل: إن الثعلبان ذكر الثعالب، والأنثى ثعالة.
4 سورة الإسراء، الآية: 1.
5 سورة النحل، الآية: 100.
6 سورة الروم، الآية: 13.