كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام (اسم الجزء: 1)
فعارضه في السنة الأخيرة مرتين.
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً (¬1).
أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة -رضي الله عنها-: "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري" (¬2).
عباد الله! وفي حجة الوداع، ودع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته وأصحابه.
في يوم النحر، وعند جمرة العقبة قال - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا مناسككم -أي: خذوا عني مناسككم- فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" (¬3).
وعلى عرفة نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
فلما تلاها - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه بكى عمرُ - رضي الله عنه - فقيل له: ما يبكيك؟ فقال - رضي الله عنه - إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان (¬4).
وفي ثاني أيام التشريق نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [سورة النصر]
¬__________
(¬1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 2033)، ومسلم (رقم 1173).
(¬2) رواه البخاري (رقم 6285)، ومسلم (رقم 2450).
(¬3) رواه مسلم (رقم 1297).
(¬4) "تفسير الطبري" (6/ 80)، "البداية والنهاية" (5/ 79).