كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام (اسم الجزء: 1)

فراشه" (¬1).
وكان بالمدينة رجل يُلحد، وآخر يضرح.
فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه.
فسبق صاحب اللحد، فلحدوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
تقول عائشة -رضي الله عنها-: ما علمنا بدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء (¬3).
فلما فرغوا من دفنه قالت فاطمة -رضي الله عنها-: "يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب" (¬4).
وتقول أم سلمة -رضي الله عنها- بينما نحن مجتمعون نبكي لم ننم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيوتنا، ونحن نتسلى برؤيته على السرير، إذ سمعنا صوت الكرارين في السحر، فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة، وأذن بلال بالفجر، فلما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى وانتحب فزادنا حزناً (¬5).

عباد الله! إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا رسول الله لمحزونون، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.
¬__________
(¬1) "صحيح الترمذي" (1018).
(¬2) "صحيح ابن ماجه" (1264).
(¬3) حسن "الفتح الرباني" (21/ 256).
(¬4) رواه البخاري (رقم 4462).
(¬5) "البداية والنهاية" (5/ 271).

الصفحة 576