كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام (اسم الجزء: 1)

عباد الله! في هذه الآية الكريمة: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ} يثني ربنا جل وعلا على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى الصحابة الكرام، ففي قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ}: يخبرنا ربنا جل وعلا عن محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أنه رسوله حقاً بلا شك ولا ريب، وهو خاتم الرسل والأنبياء فلا نبي بعده ولا رسول بعده.
وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ثناء من الله تعالى على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعاملهم مع الكفار بالشدة، ومع المؤمنين بالرحمة والعطف، فالكافر الذي هو عدو لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - يُعَامَلُ بشدةٍ وغلظةٍ، والمؤمن الذي رضي بالله رباً وبالإِسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً يُعَامَلُ بالعطف والرحمة والمحبة والحنان.
كيف لا، والله -عز وجل- يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.

عباد الله! الإخوة رابطة قوية، تربط المؤمنين بعضهم ببعض.
ويبين - صلى الله عليه وسلم - شدة هذه الرابطة.
فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبك بين أصابعه (¬1).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (¬2).
فإذا نظرنا يا عباد الله! إلى أحوال المسلمين الآن، فإنه ينطبق علينا العكس تماماً إلا من رحم ربي، رحماء مع الكفار أشداء فيما بيننا و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم 481)، ومسلم (رقم 2585).
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم 6011)، ومسلم (رقم 2586).

الصفحة 7