كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام (اسم الجزء: 1)
فالله -عز وجل- قال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، والذي نزل إلى رسولنا - صلى الله عليه وسلم -ليبلغه إلى الناس- هو الوحي الذي جاءه من الله -تبارك وتعالى- بواسطة جبريل عليه السلام.
قال ابن القيّم - رحمه الله -وهو يذكر مراتب الوحي:
أحدها: الرؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه - صلى الله عليه وسلم -، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن روح القدس (¬1) نفث في روعي (¬2) أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته" (¬3).
الثالثة: أنه كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً، كما في حديث جبريل عليه السلام، عندما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإِسلام، والإيمان، والإحسان، وكان في صورة رجل، فلما ولى قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".
¬__________
(¬1) أي جبريل عليه السلام.
(¬2) أي في نفسي.
(¬3) صحيح بشواهده، انظر "صحيح الجامع" (2081).